كتب : دينا كمال
الصحة العالمية: فطر كانديدا أوريس يهدد المستشفيات بانتشار قاتل
أطلق مسئولو الصحة تحذيراً عاجلاً بشأن عدوى فطرية قاتلة مقاومة للأدوية تنتشر داخل المستشفيات في أوروبا، وهي فطريات المبيضات (C.auris) أو “كانديدا أوريس”، التي وصفتها منظمة الصحة العالمية سابقاً بأنها “خطر جسيم على البشرية”، وتنتقل بسرعة كبيرة مع مقاومة متزايدة لعدد من العلاجات المضادة للفطريات.
وأكد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها، في تقرير جديد صدر، أن أكثر من 4 آلاف شخص أصيبوا بالفطر في أوروبا بين عامي 2013 و2023.
وفي عام 2023 وحده، تم تسجيل نحو 1346 إصابة، ما يعكس ارتفاعاً بنسبة 67% مقارنة بالعام السابق، بينما يفقد ما يقرب من 60% من المرضى حياتهم خلال 90 يوماً من الإصابة.
وشددت المراكز الأوروبية على أن “عدد الحالات يتزايد، والأوبئة تتسع، وعدة بلدان تسجل انتقالاً محلياً مستمراً”، موضحة أن العدوى تنتشر غالباً في المرافق الصحية وتؤثر على المرضى المصابين بأمراض خطيرة.
ويمكن أن يسبب فطر كانديدا أوريس التهابات خطيرة في الدماغ والدم والحبل الشوكي والعظام والأذنين، إضافة إلى الجهاز التنفسي والبولي.
وأوضحت دراسات أن الفطر قادر على البقاء لفترات طويلة على الجلد وأسطح المستشفيات، كما عُثر على آثاره في معدات طبية، وأنظمة التدفئة، وعتبات النوافذ، والمصارف، مما يحول المستشفيات إلى بؤر نشطة للعدوى.
وسجلت 18 دولة أوروبية على الأقل حالات إصابة خلال العقد الماضي، فيما تصدرت إسبانيا واليونان وإيطاليا ورومانيا وألمانيا قائمة الأكثر تضرراً، مع تقارير حديثة عن تفشيات في فرنسا وقبرص.
وفي عام 2016، وبعد أول تفشٍّ للمرض في إسبانيا، اضطر مستشفى رويال برومبتون بلندن إلى إغلاق وحدة العناية المركزة عقب وفاة 3 مرضى وإصابة 50 آخرين.
ويرى خبراء أن الزيادة في الحالات تعود إلى ضعف أنظمة المراقبة، وصعوبة التشخيص المبكر، وارتفاع درجات الحرارة التي توفر بيئة مثالية لنمو الفطر.
وأوضح الدكتور ديامانتيس بلاشوراس، رئيس قسم مقاومة مضادات الميكروبات بالمركز الأوروبي، أن “كانديدا أوريس انتشر خلال سنوات قليلة من حالات محدودة إلى تفشيات واسعة في بعض الدول، لكن الكشف المبكر والاستجابة المنسقة ما زالا قادرين على الحد من انتشاره”.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تم إدراج أربعة أنواع من الفطريات ضمن المجموعة ذات الأولوية الحرجة، وهي: Aspergillus fumigatus وCandida albicans وCryptococcus neoformans وCandida auris.
ويُعتبر فطر كانديدا أوريس خطيراً للغاية لدرجة أن المنظمة صنفته ضمن 19 فطراً قاتلاً يمثل “تهديداً خطيراً للبشرية”.
وتم اكتشاف أول إصابة في اليابان عام 2009 لدى مريض في الأذن، ومنذ ذلك الوقت انتشر الفطر في أكثر من 40 دولة عبر ست قارات.
وعلى مدى أعوام، عُولجت العدوى الفطرية بعدد محدود من مضادات الفطريات، لكن الأبحاث أوضحت أن معظمها فقد فعاليته تدريجياً، نتيجة الإفراط في استخدام المضادات الحيوية خصوصاً في الدول التي تباع فيها الأدوية دون وصفة طبية.
ويُحذر خبراء من أن “الجراثيم الخارقة”، أي الميكروبات المقاومة لمعظم الأدوية، باتت أزمة صحية عاجلة تعتبر “أولوية قصوى” لدى المراكز الأوروبية.
وتتوقع الدراسات أنه بحلول 2050 قد يتوفى 10 ملايين شخص سنوياً بسبب العدوى المقاومة للأدوية، مع صعوبة تطوير أدوية جديدة مضادة للفطريات، إذ لم تتم الموافقة سوى على أربعة عقاقير جديدة خلال العقد الماضي.
وفي بريطانيا، أصبح الإبلاغ عن جميع حالات كانديدا أوريس إلزامياً للسلطات الصحية، في محاولة لوقف المزيد من التفشيات ومنع تفاقم الأزمة.


