كتب : يسرا عبدالعظيم
«موسكو تحذّر أوروبا»: الخارجية الروسية تهدّد بردود انتقامية صارمة على مصادرة الأصول المجمدة
أصدرت روسيا تحذيرات قوية تجاه دول أوروبية بعد تقارير تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يدرس استخدام أصول روسية مجمدة لتمويل دعم أوكرانيا، واعتبرت موسكو أي محاولة لمصادرة هذه الأصول «سرقة» تستوجب إجراءات انتقامية قد تكون قانونية وغير قانونية على حدّ تعبير بعض المسؤولين والرؤى السياسية.
تهديدات رسمية وتحذيرات لعدة مستويات
قالت تصريحات روسية رسمية وغير رسمية إنّ استخدام الأصول الروسية المجمدة سيُعدّ سابقة خطرة قد تدفع موسكو إلى «ملاحقة» الدول والمنظمات والأفراد المعنيين، ليس فقط عبر القنوات الدبلوماسية والقضائية، بل قد تشمل أيضاً إجراءات اقتصادية وسياسية مضادة تستهدف مصالح تلك الدول في روسيا وخارجها.
من ناحية اخرى المفوضية الأوروبية ناقشت اقتراحات لاستفادة الدول الأعضاء من عوائد الأصول الروسية المجمدة بما يساهم في دعم أوكرانيا، وطرحت أفكاراً شتى (من تمويل مباشر إلى آليات قروض أو «سندات تعويض/قروض»). المسؤولون الأوروبيون يقولون إن الهدف هو مساعدة أوكرانيا في إعادة الإعمار وتعزيز قدراتها الدفاعية، لكن بعض القادة أبدوا تحفظات قانونية وخشية من عواقب سابقة مماثلة.
حجم الأصول ومبررات موسكو
تُقدَّر الأصول الروسية المجمدة في ظلال العقوبات بحوالي 300–350 مليار دولار موزعة على ودائع نقدية وأدوات مالية وموجودات سيادية لدى مؤسسات مالية غربية وبورصات وودائع مصرفية، وهو ما يجعل أي قرار بمصادرتها مسألة مالية وسياسية ذات تبعات واسعة. من جانبها وصفت موسكو أي مسعى من هذا النوع بأنه «مصادرة» و«سرقة» وتوعدت بردّ فعل قاسٍ.
أشكال الردّ المحتملة — ماذا قد تفعل روسيا؟
التحليلات والخبراء يذكرون مجموعة من الخيارات التي قد تلجأ إليها روسيا رداً على مصادرة أصولها، ومنها:
إجراءات قانونية دولية و دعاوى أمام محاكم دولية أو وطنية ضد دول أو مؤسسات قامت بالمصادرة.
إجراءات اقتصادية مضادة: تقييد استيراد سلع، فرض قيود على شركات أجنبية تعمل في روسيا، أو فرض قيود على تدفقات رأس المال.
التحول إلى صيغ مقايضة أو توسيع شراكات بديلة (مع الصين ودول أخرى) للالتفاف على العقوبات وتأمين سلاسل إمداد بديلة.
تحذيرات أدلها مسؤولون روس وساسة سابقون بأن الرد قد يتضمن «خيارات غير تقليدية» خارج الأطر القانونية، وهو ما يثير مخاوف من تصعيد خارج الساحة القضائية والدبلوماسية.
مخاطر سابقة وتداعيات على النظام المالي العالمي
خبراء مالية يشيرون إلى خطر أن يؤدي السماح بمصادرة أصول دولة سيادية إلى تآكل ثقة المستثمرين الأجانب في ملاذات مالية غربية، ما قد يدفع حكومات ودولاً أخرى إلى إعادة تقييم الحماية القانونية لأصولها في الأسواق الأجنبية. وهذه مصلحة يتشاركها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة، وروسيا ودول أخرى من جهة أخرى.
ردود فعل متوقعة على الساحة الدولية
الاتحاد الأوروبي: يحاول الموازنة بين الضغوط السياسية لدعم أوكرانيا والقيود القانونية والاقتصادية لتفادي سابقة قد تهزّ الثقة بالنظام المالي الأوروبي.
الولايات المتحدة وحلفاؤها: دعم متنوع لإجراءات ضد موسكو مع تبنّي مقاربات تفاوضية وقانونية في آن، لكنّ أي خطوة عملية لمصادرة كاملة ستحتاج إجماعاً سياسياً وقانونياً واسع النطاق.
القضية تتجاوز غضبة سياسية مؤقتة؛ فهي اختبار لقواعد الاستثمار والحماية السيادية في النظام المالي الدولي. أي قرار أوروبي أو غربي بمصادرة الأصول الروسية قد يدفع موسكو إلى سلسلة ردود واسعة وممتدة تؤثر على العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية لفترات طويلة، بينما يسعى القادة الأوروبيون إلى إيجاد وسائل قانونية تحقق الدعم الأوكراني من دون خلق سابقة مالية دولية خطيرة.


