كتب : يسرا عبدالعظيم
منظمة الصحة العالمية تحذّر من أزمة تمويل صحّي عالمية وتدق ناقوس الخطر في السودان
شهد الأسبوع الأخير سلسلة من التصريحات والمواقف الحاسمة لمنظمة الصحة العالمية، عكست حجم التحديات التي تواجه الأنظمة الصحية عالميًا، من نقص التمويل وتداعيات النزاعات، إلى جهود حماية الأطفال ومحاربة أضرار الكحول. وفي ما يلي قراءة تحليلية لأهم ما جاء في بيانات المنظمة.
أولاً: الصحة العالمية تواجه «أزمة تمويل غير مسبوقة»
أصدرت المنظمة توجيهات جديدة لمعالجة الانخفاض الحاد في تمويل الأنظمة الصحية عالميًا، خاصة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث توقّعت تراجع الدعم الخارجي بنسبة تصل إلى 30–40% بحلول 2025. ووفق دراسة صادرة عن المنظمة شملت 108 دولة، فإن خدمات أساسية مثل رعاية الأمومة، التحصين، ومكافحة الأمراض الوبائية تأثّرت سلبًا بمعدل وصل إلى 70% في بعض الدول.
أبرز ما دعت إليه المنظمة:
إدراج الصحة ضمن أولويات الميزانيات الوطنية حتى في أوقات الأزمات.
دمج البرامج الممولة خارجيًا داخل منظومة الرعاية الصحية الأولية لضمان استدامتها.
تعزيز الاعتماد على الموارد المحلية وتقليل التبعية للمنح الدولية.
ثانيًا: مأساة الفاشر – «قتل المرضى جريمة لا يجب أن تمرّ بصمت»
في بيان شديد اللهجة، أدانت المنظمة مقتل مرضى ومدنيين داخل مستشفى «السعودي» بمدينة الفاشر في إقليم دارفور، حيث قُتل أكثر من 460 شخصًا، بينهم مرضى وكوادر طبية، إضافة إلى اختطاف 6 من العاملين الصحيين.
وذكرت المنظمة أن آلاف المدنيين محاصرون دون غذاء أو رعاية طبية، وأن العنف ضد المستشفيات أصبح ممنهجًا وخطيرًا، داعيةً إلى:
وقف فوري للأعمال العدائية.
حماية المنشآت الصحية والعاملين بها بموجب القانون الدولي الإنساني.
فتح ممرات إنسانية آمنة لدخول الأدوية والإمدادات.
ثالثًا: استراتيجية جديدة لأطفال أوروبا وآسيا الوسطى
بمشاركة دول أوروبا وآسيا الوسطى، أطلقت المنظمة استراتيجية “بداية صحية لحياة صحية 2026–2030″، التي تهدف إلى منح كل طفل فرصة متكافئة للنمو السليم جسديًا ونفسيًا واجتماعيًا.
محاور الاستراتيجية:
تعزيز صحة الأم والجنين وخدمات ما قبل الولادة.
رعاية الطفولة المبكرة، والصحة النفسية للمراهقين.
مكافحة الفقر، العنف، التغير المناخي وآثاره على صحة الأطفال.
توسيع استخدام الصحة الرقمية وإشراك الشباب في عملية صنع القرار.
رابعًا: «الكحول يترك أثرًا» – حملة عالمية لكشف الأضرار الصامتة
أطلقت منظمة الصحة العالمية – مكتب غرب المحيط الهادئ – حملة توعية تحت شعار «Alcohol Leaves a Mark»، مؤكدة أن الكحول مسؤول عن أكثر من 200 مرضًا وإصابة، ويتسبب في وفاة نحو 500 ألف شخص سنويًا في المنطقة.
أهداف الحملة:
الحد من تسويق الكحول، خصوصًا للشباب.
رفع الضرائب وتقليل توافر المشروبات الكحولية.
تعزيز القوانين ضد القيادة تحت تأثير الكحول.
فضح الأثر الاجتماعي للكحول على الأسرة والاقتصاد، وليس فقط على صحة الفرد.
الأسبوع الأخير كان رسالة مباشرة من الصحة العالمية للعالم:
الصحة تواجه ضغوط التمويل، والحروب لا تقتل البشر فقط بل تُدمّر المستشفيات، والأطفال يحتاجون استراتيجيات مستقبلية، والكحول لم يعد قضية سلوكية بل خطرًا صحيًا عامًا.


