كتب : يسرا عبدالعظيم
مجاعة تطرق الأبواب في اليمن والسودان.. الشعوب بين حصار الجوع وصمت العالم
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بـ اليوم العالمي للغذاء، يعيش ملايين البشر في اليمن والسودان مأساة حقيقية تتجاوز كل وصف، حيث يواجه المدنيون موتًا بطيئًا بفعل الجوع والحصار والانهيار الاقتصادي، وسط تحذيرات أممية متزايدة من اتساع الكارثة الإنسانية في البلدين.
اليمن.. نصف السكان على حافة الجوع
في اليمن، أطلقت 46 منظمة إغاثية دولية ومحلية تحذيرًا مشتركًا من تفاقم أزمة الجوع، مؤكدين أن البلاد تواجه ثالث أكبر أزمة غذائية في العالم، حيث يكافح نصف السكان من أجل الحصول على وجبة يومية، فيما يعاني نحو نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء تغذية مزمن يهدد حياتهم ومستقبلهم.
البيان، الصادر بالتزامن مع اليوم العالمي للغذاء في 16 أكتوبر، أشار إلى أن واحدة من كل ثلاث أسر تعاني مستويات جوع تتراوح بين المتوسط والشديد، مع توقعات بأن يتجاوز عدد المتضررين 18 مليون شخص خلال الفترة المقبلة.
وأضافت المنظمات أن تخفيضات التمويل الدولية خلال عام 2025 ساهمت في تعميق الأزمة ورفع معدلات الجوع إلى “مستويات مميتة”، محذّرة من أن استمرار الصراع وانهيار الاقتصاد والصدمات المناخية وندرة المياه يدفع البلاد نحو حافة المجاعة.
كما لفت البيان إلى أن القيود المفروضة على عمل الإغاثيين في مناطق سيطرة الحوثيين، واحتجاز بعضهم، تعيق بشدة وصول المساعدات إلى المستحقين، في وقت تتراجع فيه قدرة الأسر على تأمين أبسط احتياجاتها الغذائية.
السودان.. الفاشر تلتهم الجوع
وفي مشهد لا يقل مأساوية، يعيش سكان مدينة الفاشر في شمال دارفور بالسودان تحت حصار خانق تفرضه ميليشيات الدعم السريع، أدى إلى نفاد المواد الغذائية بالكامل.
شهادات من داخل المدينة أفادت بأن الأهالي لجأوا إلى أكل جلود الأبقار بعد نفاد الحبوب والمواد الأساسية، فيما أصبح الحصول حتى على “الأمباز” – وهو بقايا طحن السمسم المستخدمة كغذاء – أمرًا شبه مستحيل.
الوضع الإنساني في الفاشر يوصف بأنه “مجاعة مكتملة الأركان”، إذ لا تتوفر مياه صالحة للشرب ولا أدوية، فيما تواصل الاشتباكات والقيود المفروضة على حركة المساعدات خنق السكان المدنيين الذين يواجهون موتًا بطيئًا ومتعمدًا، على حد وصف الناشطين الإنسانيين هناك.
صمت العالم.. وجوع يتوحش
في ظل هذه الأوضاع، يتصاعد الغضب الشعبي والحقوقي من الصمت الدولي تجاه ما يجري في البلدين. فبينما تتدفق مليارات الدولارات لدعم النزاعات، يواجه ملايين الأطفال خطر الهلاك بسبب غياب التمويل الإنساني والتقاعس السياسي.
يرى خبراء أن ما يحدث في اليمن والسودان ليس مجرد أزمة غذاء، بل انعكاس لتقاعس عالمي عن حماية الحق في الحياة، مشيرين إلى أن استمرار الحصار، وغياب حلول سلمية حقيقية، سيؤدي إلى انفجار إنساني إقليمي واسع خلال الأشهر القادمة.


