كتب : يسرا عبدالعظيم
كوب القهوة يعادل راتب اسبوعي : أزمة القهوة في أمريكا
يشهد مشهد القهوة الصباحية في الولايات المتحدة تحوّلاً ملحوظاً، فمن مجرد عادة يومية إلى عنصر رفاهي متزايد التكلفة، نتيجة تداخل عدد من العوامل المناخية والتجارية والسياسية، كما ورد في تقرير “ماركت ووتش” الذي نقلته صحيفة الاقتصادية.
أولاً: الرسوم الجمركية والسياسات التجارية
في أبريل الماضي، أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية على واردات القهوة. البداية كانت برسوم 10٪ على معظم واردات القهوة، ثم ارتفعت النسبة إلى 50٪ تحديدًا على القهوة القادمة من البرازيل، أكبر الدول الموردة للولايات المتحدة.
هذا القرار جاء مفاجئًا لقطاع تحميص القهوة والمستهلكين، إذ اضطرّ بعضهم إلى تخزين القهوة قبل تطبيق الرسوم، بينما تعرض الآخرون لضغوط في سعر التكلفة بعد نفاد الإمدادات الاحتياطية.
ثانيًا: المناخ وتراجع الإنتاج العالمي
من 2020 فصاعدًا، عانت بلدان مثل البرازيل وكولومبيا وفيتنام من موجات جفاف، صقيع، وارتفاع حرارة، مما أثر سلبًا على إنتاج البن.
هذا التأثر المناخي ساهم في انخفاض المخزون العالمي من حوالي 59 مليون كيس في عام 2020، إلى نحو 36 مليون كيس بحلول 2024.
ثالثًا: أرقام الأسعار وتأثيرها على المستهلك
بلغ متوسط سعر الرطل من القهوة المطحونة بنسبة 100٪ في المدن الأمريكية نحو 8.872 دولار في أغسطس، وهو أعلى مستوى مسجّل منذ بدء البيانات في عام 1980.
في سوق العقود الآجلة، شهدت قهوة أرابيكا ارتفاعًا أيضًا، حيث لامست العقود الخاصة بشهر فبراير 2025 مستوى 4.29 دولار للرطل قبل أن تهبط إلى حوالي 3.81 دولار، وهو ما يمثل زيادة حوالي 19٪ منذ بداية العام.
رابعًا: انعكاسات على المقاهي والمستهلكين
رفع المقاهي أسعار بعض مشروبات القهوة، كاللاتيه، من نحو 4.5 دولار إلى 7 دولارات في نحو 18 شهرًا.
هناك تأثر واضح على أرباح المخابز والمقاهي والمستهلكين؛ فالأخيرة باتت مضطرة لاختيار أنواع أرخص أو خلطات أقل جودة لتخفيف العبء المالي.
خامسًا: التوقعات المستقبلية
بينما بعض الرسوم الجمركية لم تُترجَم بالكامل بعد إلى رفوف المتاجر، لا يزال الاعتماد قائمًا على المخزونات القديمة، لكن الأثر الكامل يتوقع أن يظهر في الربع الأخير من العام الجاري.
أيضًا، شركات كبيرة مثل ستاربكس أشارت إلى أن التكاليف المرتبطة بالقهوة والرسوم الجمركية ستتضاعف، وقد يكون العام المالي 2026 هو ذروة هذه الزيادات.
ما بدأ كعادة بسيطة لكل صباح، أصبح عنصر ضغط اقتصادي حقيقي. تتحمّل الأسر الأمريكيّة والمقاهي عبءًا مضاعفًا: من جهة تقلبات المناخ وتأثر الإنتاج، ومن جهة أخرى السياسات التجارية والتعريفات الجمركية العالية. وبينما يبدو أن القرار التجاري السياسية قد فاقم الأزمة، فإن المستهلك العادي هو من يشعر بها أولًا وآخرًا.


