كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
تتواصل تداعيات فضيحة الأمير أندرو، الابن الثاني للملكة إليزابيث الثانية، لتلقي بظلالها على واحد من أعرق التقاليد الملكية في بريطانيا، الذي يمتد لقرون ويشكل جزءًا من هوية المؤسسة الملكية البريطانية. القضية التي أثارت جدلاً واسعًا في الإعلام المحلي والدولي تتعلق باتهامات مرتبطة بسلوكيات غير قانونية وأخلاقية، ما دفع العديد من الخبراء والمراقبين إلى التساؤل حول مدى قدرة العائلة المالكة على حماية سمعتها وتقليدها العريق في ظل هذه الأحداث.
وأشارت تقارير صحفية بريطانية إلى أن هذه الأزمة تأتي في وقت حساس بالنسبة للقصر الملكي، خاصة مع التركيز الإعلامي المكثف على سلوكيات أفراد العائلة المالكة، ومحاولاتهم المستمرة للحفاظ على صورة المؤسسة أمام الجمهور. وقد أكدت مصادر مقرّبة من القصر أن الأمير أندرو بات يواجه ضغوطًا كبيرة للتعامل مع القضية بطريقة تحمي المصالح الملكية، بينما يتصاعد الاهتمام الشعبي والقانوني بالقضية.
وقد وصف محللون قانونيون وأساتذة علوم سياسية هذا الوضع بأنه “نقطة مفصلية” في تاريخ الملكية البريطانية، حيث تواجه العائلة المالكة تحديًا غير مسبوق للحفاظ على التقاليد والرموز التي شكلت جزءًا من الهوية الوطنية لأجيال طويلة. وقال أحد الخبراء إن “قضية الأمير أندرو ليست مجرد مسألة شخصية، بل تمس مؤسسة بأكملها، وقد تؤثر على تقاليد ملكية بريطانية عمرها أكثر من ثلاثة قرون، بما في ذلك الحقوق والامتيازات المرتبطة بالعرش، وطريقة إدارة الشؤون الملكية والالتزامات العامة”.
كما سلطت القضية الضوء على العلاقة بين الملكية والإعلام، حيث أصبحت وسائل الإعلام التقليدية والرقمية أداة أساسية في كشف تفاصيل الفضيحة ونقلها إلى الرأي العام بسرعة غير مسبوقة. ويشير محللون إلى أن هذه الشفافية الإعلامية تضغط على العائلة المالكة لاتخاذ قرارات حاسمة، قد تشمل تقليص دور الأمير أندرو في الأنشطة الرسمية أو حتى إعادة النظر في الترتيبات التقليدية المتعلقة بالألقاب والامتيازات.
وفي هذا السياق، أبدى عدد من أعضاء البرلمان البريطاني والناشطين اهتمامًا متزايدًا بالقضية، مطالبين بمزيد من الشفافية والمساءلة داخل المؤسسة الملكية، وهو ما يزيد من صعوبة التعامل مع الفضيحة داخليًا دون إثارة موجة غضب شعبي. وقال أحد النواب البريطانيين إن “الأزمة الحالية تظهر أن أي سلوك غير مسؤول من أي فرد من أفراد العائلة المالكة قد يؤدي إلى تحديات كبيرة للتقاليد والشرعية الملكية، وأن الوقت قد حان لمراجعة بعض القواعد التي طالما اعتُبرت مقدسة داخل القصر”.
وتشير مصادر مقربة من القصر إلى أن العائلة المالكة تعمل على وضع خطة للتعامل مع الأزمة، تتضمن استراتيجيات للحد من تأثير الفضيحة على صورة المؤسسة، إضافة إلى خطوات عملية للحفاظ على دور الأمير أندرو بشكل محدود أو تعديل مهامه الرسمية بما يتناسب مع القواعد الملكية المعاصرة.
ويتابع الرأي العام البريطاني والعالمي باهتمام كبير تطورات هذه الفضيحة، التي قد تعيد صياغة العلاقة بين التقاليد الملكية والضغوط الحديثة من الإعلام والجمهور. وتعد هذه الأزمة اختبارًا حقيقيًا لقدرة المملكة المتحدة على الموازنة بين احترام التقاليد الملكية التي يعود تاريخها لقرون، وبين الاستجابة لمطالب الشفافية والمساءلة في العصر الحديث.
في المجمل، فإن قضية الأمير أندرو تمثل أكثر من مجرد فضيحة شخصية؛ فهي تهدد بإعادة النظر في بعض الأطر الملكية التقليدية، وتضع العائلة المالكة أمام اختبار صعب للحفاظ على سمعتها ومصداقيتها في مواجهة العصر الرقمي المتسارع والمتطلبات الحديثة للمساءلة والشفافية.


