كتب : يسرا عبدالعظيم
فرنسا تعلن موقفها تجاه مولدوفا: تصريحات ماكرون وتحديات الطريق الأوروبي
في موقف جديد أعلن فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعم فرنسا لتطلعات مولدوفا الأوروبية، واعتبار أن الشعب المولدوفي أدلى بقراره بوضوح رغم محاولات التدخل الخارجي، مؤكدًا دعم الحرية والسيادة للمولدوفا. هذه التصريحات تأتي في إطار النزاع الجيوسياسي المتصاعد حول اتجاه بلاد المئة نهر نحو الاتحاد الأوروبي، في ظل ضغوط من روسيا ومحاولاتها للتأثير.
حيثيات التصريحات
ماكرون قال إن فرنسا تقف إلى جانب مولدوفا فيما يتعلق بتطلعاتها نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
بهيجاز، اعتبر أن الشعب المولدوفي اتخذ قراره بوضوح، أي أن المجتمع اختار المسار الأوروبي رغم المحاولات الخارجية للتدخل والتشويش.
وأكد أن فرنسا تدعم مساعي الشعب المولدوفي نحو الحرية والسيادة والتكامل الأوروبي.
السياق السياسي
الخلفية
مولدوفا، التي تقع بين رومانيا وأوكرانيا، تشهد انقسامًا بين قوى مؤيدة لروسيا وأخرى تدعم الاندماج مع الاتحاد الأوروبي.
البلاد أجرت في أكتوبر 2024 استفتاءً لتعديل دستورها لإدراج الشق المتعلق بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كهدف دستوري.
الانتخابات البرلمانية المرتقبة كانت تُعد لحظة مفصلية، وسط تحذيرات من تدخل روسي، سواء عبر الدعاية أو حملات التضليل، وحتى التمويل.
زيارة ماكرون وزعماء أوروبيين
الرئيس ماكرون مع رؤساء ألمانيا وبولندا قاموا بزيارة رمزية إلى كيشيناو (عاصمة مولدوفا) بمناسبة عيد الاستقلال، وألقوا كلمات دعم واضحة.
خلال الزيارة، شجب ماكرون تصريحات من الكرملين وقال إن هناك معلومات مغلوطة تُستخدم للتأثير على الرأي العام المولدوفي، مثل ما يُروّج بأن الاتحاد الأوروبي “يضطهد الشعوب” أو “يريد إطالة الحرب”.
التحديات أمام مولدوفا
التدخل الخارجي ومخاطر الدعاية المُضللة: روسيا تُتهم بالدسّ والتدخل عبر شبه حرب معلوماتية، تمويل للمعارضين، حملات على وسائل التواصل وغيرها.
الإصلاحات المطلوبة للانضمام للاتحاد الأوروبي: مولدوفا تحتاج لتسريع وتيرة إصلاحاتها في مجالات مثل القضاء، محاربة الفساد، سيادة القانون، وتحسين بنية الدولة بشكل عام.
اقتصادياً وأمنياً، هناك ضغوط كبيرة، خصوصًا مع الوضع في أوكرانيا وتأثير ذلك على الأمن والطاقة والمساعدات المالية.
التحدي الفرنسي والأوروبي
فرنسا، من خلال تصريحات ماكرون والدعم الرمزي والعملي، تريد أن تُظهر أن أوروبا تدعم الدول التي تختار طريق الانضمام لا سيما في مواجهة التهديدات الخارجية.
الدعم قد يشمل مساعدات فنية، مالية، وتعزيز قدرات الدولة المولدوفية في مواجهة الهجمات السيبرانية، والتصدي لموجات التضليل الإعلامي.
ما الذي يعنيه هذا للشعب المولدوفي وللمنطقة؟
هذا البيان يعزّز الثقة لدى مناصري المسار الأوروبي، ويُعطي رسالة واضحة إلى الداخل (المعارضة الموالية لروسيا) والخارج (روسيا، أو أي جهة تحاول التأثير).
يمكن أن يزيد من الضغط على المعارضة الموالية لروسيا، خصوصًا إذا وُجد دليل على تدخلاتها، ما قد يُضعفها في الانتخابات القادمة.
أيضًا، الدعم الأوروبي — من فرنسا ودول الاتحاد — قد يُترجَم إلى فرص اقتصادية، استثمارية، ومشاريع تنموية تخفف من الأثر الاقتصادي للتوترات الجيوسياسية.
تصريحات ماكرون تأتي في وقت حرج لمولدوفا، التي تبدو أمام مفترق طريق بين العودة إلى نفوذ روسي أو الانخراط بشكل كامل في الفضاء الأوروبي. الدعم الفرنسي — إذا تُرجم فعلياً إلى تعاون وسياسات ملموسة — قد يكون عاملًا مؤثرًا في تعزيز سيادة مولدوفا، حريتها، وقدرتها على مقاومة الضغوط الخارجية، والمضي قدمًا نحو المبادئ الديمقراطية والاندماج الأوروبي.


