كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في اجتماعها الأخير، قررت لجنة السياسات النقدية في البنك الأوروبي الحفاظ على أسعار الفائدة الرئيسية ثابتة عند 2.00٪ لمعدل الإيداع، مع إبقاء معدلات العمليات الرئيسية وإقراض الطوارئ عند 2.15٪ و2.40٪ على التوالي.
تأتي هذه الخطوة تماشياً مع توقعات الأسواق التي كانت تتوقع بقاء السياسة دون تغيير، في ظل استقرار نسبي للتضخم داخل منطقة اليورو، وانخفاض ضغوط الأسعار الداخلية.
لماذا حافظ البنك على المعدلات دون تغيير؟
أشار البنك في بيانه إلى أن «المعلومات الواردة تتماشى إلى حدّ كبير مع تقييمنا السابق لآفاق التضخم».
وأضاف أن الضغوط السعرية المحلية واصلت التراجع، وأن نمو الأجور أصبح أبطأ، الأمر الذي يساعد على الطريق نحو استقرار التضخم عند هدف البنك المتوسط المدى.
في الوقت نفسه، شددت إدارة البنك على أنها ستواصل اتباع منهج “الاجتماع تلو الآخر” لاتخاذ قرارات السياسة النقدية، دون الالتزام بمسار معين مسبقاً.
ما دلالات هذا القرار؟
إن ثبات الفائدة عند هذا المستوى يُشير إلى أن البنك الأوروبي يرى أن وضع منطقة اليورو بات في مرحلة “قابلة للحياة” من الناحية التضخمية، حيث إن التضخم أصبح قريباً من هدف 2٪.
القرار أيضاً يعكس أن البنك ما زال يتوخى الحذر بسبب مخاطر خارجية، مثل التوترات التجارية أو ضعف النمو الاقتصادي في بعض الدول الأعضاء، ما يجعل استمرار التثبيت أو الانتظار أفضل من التحرك المباغت.
للمستثمرين والأسواق، يُعد هذا البيان بمثابة رسالة مفادها أن “الراحة” في السياسة قد تستمر لبعض الوقت، حتى يظهر المزيد من البيانات المؤكدة بشأن النمو أو التضخم.
التحديات التي تواجهها منطقة اليورو
رغم تحسّن مؤشرات التضخم، إلا أن النمو الاقتصادي في المنطقة ما زال هادئاً إلى حدّ ما، وتواجه الدول الأعضاء ضغوطاً هيكلية من شأنها أن تؤثر على الطلب الكلي. فضلاً عن ذلك، فإن البيئة العالمية غير مستقرة، وتشمل مخاوفاً من تأثيرات التعريفات التجارية، والتباطؤ في الصين، وتبعات رفع الإنفاق العسكري في بعض الدول الأوروبية.
وبالتالي، فإن البنك الأوروبي يبدو في وضع “المراقب” أكثر من كونه في موقف يحفّز التوسع النقدي أو خفض الفائدة الإضافي في الوقت الراهن.
كيف ردّت الأسواق؟
سجّلت ردود الفعل المالية تجاه القرار حذراً معتدلاً؛ إذ إن العملات الأوروبية والأسهم تفاعلتا بشكل محدود مع الإعلان، إذ كانت تغييرات السوق متوقعة إلى حدّ كبير. مراقبون يرون أن الطريق مفتوح أمام خفض محتمل أو تحفيز إضافي إذا ما تراجع النمو أو ارتفع التضخم بشكل غير متوقع، لكن ليس على المدى القريب.
قرار البنك الأوروبي بتثبيت سعر الفائدة عند 2٪ يعكس توازناً دقيقاً بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي في منطقة اليورو. بينما يُعد هذا القرار علامة على أن الأوضاع بدأت “تستقيم” من منظور السياسة النقدية، فإن البنك ما يزال على أهبة الاستعداد لتحرك سريع إذا ما تغيرت الظروف الأساسية. وفي ضوء ذلك، فإن المستثمرين وصناع القرار يترقبون البيانات الاقتصادية القادمة، التي ستحدد ما إذا كانت هذه “الراحة” مجرد لحظة توقف مؤقت أو بداية حقبة جديدة من الاستقرار النقدي.
عدد المشاهدات: 0


