كتب : دينا كمال
علماء أعصاب يوضحون 3 أنشطة تعيد برمجة الدماغ
لم تعد التمارين الرياضية مجرد وسيلة لتحسين الشكل الجسدي أو تعزيز اللياقة البدنية، بل أثبتت دراسات حديثة في علم الأعصاب أن بعض الأنشطة قادرة على إعادة تشكيل الدماغ وتغيير تركيبته ووظائفه بشكل عميق. العلاقة بين الحركة والعقل أوسع بكثير مما يظنه كثيرون، حيث تؤكد أبحاث أن ممارسة أنشطة معينة مثل الرقص والفنون القتالية والرياضات الجماعية يمكن أن ترفع الإدراك والذاكرة والانتباه، إلى جانب دورها المعروف في تحسين المزاج والصحة البدنية، بحسب تقارير إعلامية.
عندما يبدأ الإنسان في التحرك، يفرز الدماغ الإندورفين، وهو الهرمون المسؤول عن الإحساس بالسعادة وتقليل التوتر. لكن هذا ليس كل شيء؛ فالحركات التي يقوم بها الجسد تعيد أيضًا تشكيل العقل. وعلى مدى العقود الماضية، وجد خبراء أن الأنشطة المعقدة التي تتطلب تركيزًا ومعرفة اجتماعية، مثل الرقص أو كرة القدم أو الفنون القتالية، توفر للدماغ تحفيزًا أكبر مقارنة بالتمارين التقليدية مثل الجري أو رفع الأثقال.
لماذا الرقص والفنون القتالية والرياضات الجماعية؟
تتميز هذه الأنشطة الثلاثة بدمجها بين التعلم والحركة والتفاعل الاجتماعي، مما ينشئ بيئة غنية ومحفزة للدماغ. فهي تتطلب من الممارس:
الالتزام بالإيقاع والتوقيت.
اكتساب تقنيات جديدة باستمرار والتكيف مع المواقف.
اتخاذ قرارات متكررة وسريعة أثناء اللعب أو التدريب.
التفاعل مع الآخرين في بيئة جماعية.
التنسيق الحسي والحركي لمواجهة مواقف غير متوقعة.
تنظيم المشاعر والحفاظ على التركيز العقلي.
هذا المزيج من التحديات الجسدية والعقلية يجعل الدماغ يعمل بمرونة أكبر ويحفز مناطق متعددة منه بشكل متزامن، وهو ما ينعكس على تعزيز القدرة على التركيز والوعي المكاني والتوازن العاطفي.
تغييرات ملموسة في الدماغ
تشير أبحاث إلى أن النشاط الحركي المعرفي المتكرر، كما في الرقص أو الفنون القتالية، يعزز سلامة المادة البيضاء في الدماغ ويرفع من مستوى الاتصال الوظيفي بين المناطق العصبية المختلفة، كما يساعد على زيادة سماكة القشرة الدماغية، وهو ما يرتبط بتحسين الانتباه والذاكرة والقدرة على اتخاذ القرارات.
التحديات والقيود
رغم النتائج الإيجابية، يطرح الباحثون تساؤلات حول مدى استمرار هذه التأثيرات بعد التوقف عن التدريب، إضافةً إلى اختلاف الاستجابة من شخص لآخر حسب نوع النشاط وطريقة ممارسته. كما أن معظم الأبحاث ركزت على عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، بينما قد تلعب مؤشرات عصبية أخرى أو مواد كيميائية التهابية دورًا مهمًا لم يدرس بشكل كافٍ بعد.


