كتب : دينا كمال
علاج جديد بالخلايا الجذعية قد يوفر مناعة طويلة ضد السرطان
في إنجاز علمي واعد، نجح فريق من العلماء الأمريكيين في تطوير علاج قد يغير مستقبل مواجهة السرطان، عبر استخدام الخلايا الجذعية لإنشاء “مصنع دائم” داخل الجسم لإنتاج خلايا مناعية تقاوم الأورام لسنوات.
ويعتمد هذا العلاج على دمج نوعين من الخلايا داخل جسم المريض: الخلايا التائية المهندسة وراثيًا لمهاجمة السرطان، والخلايا الجذعية المكوِّنة للدم بعد تعديلها جينيًا لتنتج باستمرار هذه الخلايا التائية.
وبالرغم من التطور الكبير في العلاجات المناعية والكيميائية، إلا أن الأورام كثيرًا ما تعود بعد فترة، والسبب أن الخلايا التائية تستنفد سريعًا عقب العلاج، مما يمنح السرطان فرصة للانتشار من جديد.
وحسب ما ورد في مجلة Nature Communications، ابتكر باحثو جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس فكرة تقوم على تعديل الخلايا الجذعية في المختبر لإنتاج خلايا تائية موجهة ضد السرطان، وبعد زراعتها داخل المريض تبدأ تلقائيًا في إنتاج مقاتلات مناعية جديدة دون الحاجة لتكرار العلاج.
وفي هذه الدراسة، استهدف العلماء جينًا محددًا يُدعى NY-ESO-1، يظهر في أنواع من السرطان مثل الساركوما والميلانوما، ونادرًا ما يوجد في الأنسجة السليمة، مما يجعله هدفًا آمنًا نسبيًا. وتمت التجربة على مرضى الساركوما، وهو من أصعب أنواع السرطان خاصة عند عودة الورم.
وتتم العملية بسحب الخلايا الجذعية من المريض، ثم إدخال جينات خاصة تجعلها قادرة على إنتاج خلايا تائية تستهدف NY-ESO-1. وبعد علاج كيميائي مكثف لتفريغ نخاع العظم، تُعاد الخلايا المعدلة إلى الجسم، حيث تستقر في النخاع وتبدأ بإنتاج الخلايا التائية المهاجمة للأورام.
وأظهرت النتائج الأولية نجاحًا مشجعًا؛ إذ حقق أحد المرضى انكماشًا كبيرًا في الورم، واستمر جسمه بإنتاج الخلايا التائية المعدلة لعدة أشهر بعد العلاج، من دون آثار جانبية خطيرة أو ضعف في المناعة.
ورغم أن العلاج ما يزال تجريبيًا ويتطلب تقنيات معقدة وتكاليف مرتفعة مثل التعديل الجيني وزرع نخاع العظم، إلا أن العلماء يشبّهونه ببدايات عمليات زراعة النخاع في الماضي، التي أصبحت علاجًا شائعًا لاحقًا. ولا بد من إجراء تجارب أوسع للتأكد من فعاليته على المدى الطويل.
ويؤكد الباحثون أن هذا النهج لا يقتصر على السرطان فحسب، بل يمكن توظيفه لعلاج أمراض أخرى مثل فيروس نقص المناعة (HIV) أو أمراض المناعة الذاتية، من خلال إعادة برمجة الجهاز المناعي لإصلاح نفسه.
وبعد أكثر من عشر سنوات من البحث ومشاركة ما يزيد على 30 عالمًا بقيادة الدكتور ثيودور نوفيكي والدكتور أنتوني ريباس، وبمساهمة العالم الحائز على نوبل ديفيد بالتيمور، يرى الفريق أن هذه البداية قد تمهد لعلاج يمنح المرضى حماية طويلة الأمد وفرصة جديدة للحياة.


