كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في خطوة وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ التكنولوجيا الأمريكية خلال العقد الأخير، أعلنت مصادر رسمية في واشنطن عن التوصل إلى اتفاق نهائي مع الحكومة الصينية لشراء النسخة الأمريكية من تطبيق “تيك توك”، في صفقة بلغت قيمتها نحو 14 مليار دولار، لتنتهي بذلك أزمة دامت لأكثر من عامين بين الجانبين حول ملكية التطبيق وبيانات المستخدمين.
وبحسب تسريبات نقلتها وسائل إعلام أمريكية، فإن الصفقة جرى التوقيع عليها بعد مفاوضات معقدة شاركت فيها وزارة التجارة الأمريكية وهيئة الأمن القومي إلى جانب ممثلين عن شركة “بايت دانس” الصينية المالكة للتطبيق. وتنص بنود الاتفاق على نقل السيطرة التشغيلية الكاملة على أنشطة “تيك توك أمريكا” إلى كيان أمريكي مستقل يخضع للقوانين المحلية، مع الحفاظ على البنية التقنية للتطبيق تحت إشراف مشترك لفترة انتقالية محددة.
وقالت وزيرة التجارة الأمريكية في تصريح مقتضب إن الاتفاق “يضمن حماية بيانات أكثر من 150 مليون مستخدم أمريكي”، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية حققت ما وصفته بـ”توازُن المصالح بين الأمن القومي والانفتاح الاقتصادي”. وأضافت أن “الصفقة تُعد انتصاراً للشفافية الرقمية وللسوق الحرة في آن واحد”.
في المقابل، أصدرت شركة “بايت دانس” بياناً أكدت فيه أنها وافقت على الصفقة لضمان استمرار التطبيق في السوق الأمريكية دون حظر، موضحة أن العملية تمت “بروح من التعاون وتبادل المصالح”، لكنها شددت على أن محتوى التطبيق وإدارته التقنية سيظلان مرتبطين بمنظومة الشركة الأم في بكين خلال فترة زمنية محددة قبل الانتقال الكامل للملكية الجديدة.
ويرى محللون أن الصفقة تمثل تحولاً جذرياً في العلاقة الاقتصادية الرقمية بين الصين والولايات المتحدة، خصوصاً بعد التوترات المتكررة التي طالت ملفات الذكاء الاصطناعي والرقابة على البيانات. ويعتقد خبراء التكنولوجيا أن هذه الخطوة قد تُمهّد لمرحلة جديدة من “إعادة التوازن الرقمي” بين العملاقين الاقتصاديين.
من جهة أخرى، رحّب عدد من المشرعين الأمريكيين بالاتفاق، معتبرين أنه “يُنهي التهديدات الأمنية المرتبطة بالتطبيق الصيني”، بينما اعتبر آخرون أن القيمة المعلنة للصفقة – 14 مليار دولار – “أقل بكثير من القيمة السوقية الفعلية لتيك توك في الولايات المتحدة”، والتي قد تتجاوز 30 مليار دولار وفق تقديرات سابقة.
وسيجري الإعلان الرسمي عن تفاصيل الصفقة في مؤتمر مشترك بين الجانبين خلال الأسبوع المقبل، فيما تُشير التوقعات إلى أن الكيان الجديد الذي سيتولى إدارة “تيك توك أمريكا” سيضم مستثمرين من وادي السيليكون وشركات إعلامية كبرى.
وبذلك، تُطوى واحدة من أكثر القضايا التقنية والسياسية جدلاً في السنوات الأخيرة، لتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التنافس المنظم بين واشنطن وبكين في الفضاء الرقمي العالمي.


