كتب : دينا كمال
سن يعيد البصر.. تفاصيل جراحة “القرنية العظمية السنية”
تُعد زراعة القرنية العظمية السنية (OOKP) واحدة من أهم العمليات الجراحية النادرة، التي يلجأ إليها الأطباء في حالات خاصة، إذ تساعد على علاج مشكلات معقدة بالعين، وتمكّن بعض المرضى من استعادة البصر.
ويُعرف هذا النوع من التدخل طبياً باسم زراعة القرنية العظمية السنية، ويُستخدم فقط عند فشل جميع الخيارات التقليدية مثل زراعة القرنية أو الخلايا الجذعية. وتُجرى العملية عادةً للمصابين بعمى قرني ثنائي بسبب أمراض نادرة أو إصابات شديدة، مثل متلازمة ستيفنز جونسون، الحروق الكيميائية أو الحرارية، أو بعض أمراض المناعة الذاتية. ورغم غرابة الفكرة، إلا أن دمج السن مع العدسة يوفّر ثباتاً كبيراً، لأن الجسم يتقبّل النسيج كجزء أصيل منه.
خطوات العملية
تبدأ الجراحة بخلع السن والعظم، وغالباً يُختار الناب لقوة جذره وصلابته.
يتبع ذلك تجهيز الطُعم عبر تشكيل السن مع العظم في هيئة صفيحة دقيقة، ثم تثقيبها لزرع عدسة أسطوانية شفافة.
يُنقل الطُعم مؤقتاً إلى الخد لعدة أشهر لاكتساب تغذية دموية وأنسجة داعمة.
يُنقل بعدها إلى العين بفتح ثقب في القرنية المعتمة وتثبيته فوقها، ليعمل بدور القرنية الطبيعية في تمرير الضوء.
وتستغرق العملية أكثر من 12 ساعة، وتُجرى على مرحلتين أو أكثر، ولا يتقنها سوى عدد محدود جداً من الجراحين حول العالم.
شروط الخضوع للجراحة
يشترط أن يكون المريض فاقداً البصر في العينين نتيجة تلف القرنية.
يُشترط ألا يعاني من أمراض في الشبكية أو العصب البصري، وإلا تصبح الجراحة بلا جدوى.
يُطلب أن تكون صحة الأسنان والفم جيدة، لأن الناب هو الأساس للطُعم.
كما يُشترط أن يكون المريض في عمر يتيح وجود أسنان مكتملة النمو.
ويخضع المريض لفحوص شاملة تشمل تقييم نفسي، وفحوص أسنان، إلى جانب فحص دقيق لشبكية العين.
المخاطر المحتملة
قد تُسبب العملية التهابات داخل العين، أو تراجع الصفيحة العظمية، أو الجلوكوما، أو انفصال الشبكية، فضلاً عن مشكلات فموية مثل خدر أو إصابة الغدد اللعابية.
ولذلك يحتاج المريض إلى متابعة دقيقة مدى الحياة مع مراجعات دورية لضبط العدسة أو استبدال الطُعم إذا لزم الأمر.
قصة نجاح ملهمة
شهدت الجراحة مؤخراً نجاحاً مع شاب يُدعى برنت تشابمان، الذي عاش أكثر من عشرين عاماً في شبه ظلام بعد إصابته بمضاعفات خطيرة نتيجة دواء تناوله في مراهقته.
تسببت الحادثة في حروق بالعينين وفقدان تدريجي للبصر، رغم خضوعه لعشرات العمليات وزراعة قرنيات لم تنجح.
وبعد سنوات طويلة من فقدان الأمل، جاء الحل على يد الدكتور جريج مولوني، الذي قاده إلى تجربة نادرة تُعرف باسم “زرع سن في العين”.
امتدت مراحل العملية لأشهر، بدأت بخلع ناب من فمه وتحضيره مع جزء عظمي، ثم زرعه مؤقتاً في الخد قبل نقله للعين مع عدسة صغيرة.
وبعد نجاح الدمج بين العظم والعدسة، عاد الضوء يتدفق إلى شبكية تشابمان، ليستعيد رؤية تفاصيل غابت عنه لعقدين كاملين.


