كتب : دينا كمال
رجل يسجل أطول إصابة نشطة بكورونا استمرت لعامين متواصلين
في واقعة طبية استثنائية، وثّقت السجلات حالة نادرة لرجل ظل مصابًا بفيروس كورونا لمدة تجاوزت العامين، أي ما يزيد عن 750 يومًا متتابعًا، لتصبح هذه الإصابة الأطول التي يتم رصدها منذ ظهور الجائحة.
وكان المريض، البالغ من العمر 41 عامًا، يعاني من نقص حاد في المناعة بسبب إصابته بفيروس نقص المناعة البشرية في مرحلة متقدمة، حيث لم يتلقَّ العلاج المضاد للفيروسات القهقرية خلال تلك الفترة، مما سمح لفيروس كورونا بالبقاء نشطًا داخله طوال المدة، مسببًا له أعراضًا تنفسية مستمرة إلى جانب الصداع وآلام الجسد والضعف العام، وقد استلزم الأمر دخوله المستشفى خمس مرات.
ورغم أن هذه الحالة تختلف عن ما يُعرف بـ”كوفيد طويل الأمد”، إذ لم تكن الأعراض نتيجة بقاء آثار الفيروس بعد زواله، بل بسبب استمرار المرحلة النشطة للعدوى طوال الوقت، فإنها أثارت قلق الباحثين بشأن التداعيات المحتملة لمثل هذه الإصابات المزمنة على الصحة العامة.
وكشف التحليل الجيني الذي أجراه فريق بحثي بقيادة عالمة المعلومات الحيوية بجامعة بوسطن، جوسلين فيلاسكيز-رييس، أن معدل الطفرات داخل جسد المريض كان قريبًا من معدل الطفرات المنتشرة في المجتمع.
والأخطر أن بعض الطفرات التي رُصدت لدى المريض كانت مطابقة لتلك التي تميز بها متحور أوميكرون، المعروف بسرعة انتشاره، مما يدعم فرضية أن بعض المتحورات قد تتطور بالفعل من خلال العدوى طويلة الأمد التي تمنح الفيروس بيئة مثالية للتغير والتكيف.
وبيّن عالم الأوبئة بجامعة هارفارد، ويليام هاناج، أن العدوى المستمرة تتيح للفيروس فرصة لاكتشاف طرق أكثر فاعلية لإصابة الخلايا، وهو ما يجعل علاج مثل هذه الحالات أمرًا بالغ الأهمية، ليس فقط لصحة المريض، وإنما أيضًا لحماية المجتمع من متحورات محتملة.
وأشار فريق البحث إلى أن الفيروس في هذه الحالة لم يكن شديد العدوى، مرجحين أن التكيف الطويل داخل مضيف واحد قد قلل من قابليته على الانتقال، لكنهم شددوا على أن هذا لا يعني أن جميع الإصابات المزمنة ستسلك نفس المسار، وهو ما يستلزم متابعة دقيقة ورقابة مستمرة على حالات كورونا، مع ضمان تقديم الرعاية الصحية للفئات الأكثر هشاشة.
وأكد الباحثون، في دراستهم المنشورة بمجلة “ذا لانسيت”، أن القضاء على مثل هذه الإصابات المزمنة يجب أن يكون من أولويات أنظمة الرعاية الصحية، لتجنب المخاطر المرتبطة بالتحورات الجينية.
كما شدد الخبراء على ضرورة استمرار حملات التطعيم والالتزام بارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة والمغلقة، باعتبارها أدوات رئيسية للحد من فرص نشوء متحورات جديدة قد تشكل تهديدًا عالميًا.


