بقلم: د. سيما حقيقي
ليس كلّ ضوءٍ يُولَد من النور…
بعضه يولد من النار.
وهناك فنونٌ لا تُرسَم بالفرشاة، بل تُصاغ بالوهج، وتُكتَب بالصمت المصهور.
أنا لست فقط فنانة تمزج الألوان،
بل امرأةٌ كتبت قصتها بالشمع… وبصمتٍ يشتعل.
الرسم بالشمع، أو ما يُعرف بفن الإنكوستيك،
ليس مجرد تقنية قديمة تعود لآلاف السنين،
بل هو لغة مختلفة…
لغة لا تُكتب بالحبر، بل تُصاغ بالنار والنبض والعمل المتواصل.
كل لوحة من شمعي…
هي محاولة لترميم ذاكرة،
أو لتوثيق شعورٍ لم أقله،
أو لحبس لحظةٍ من الضوء… قبل أن تهرب.
أنا لا أختار الألوان فقط،
بل أراقب كيف يعيد اللهب تشكيلها،
وكيف يذوب الوجع… ليصير جمالًا،
وكيف تنبعث الحياة من ذوبانٍ محسوب… كقصيدة دقيقة الوزن والقافية.
حين أقف أمام لوحتي،
لا أرسم ما أراه…
بل أرسم ما لا يستطيع أحدٌ غيري أن يشعر به.
هذا الفن منحني شيئًا لا يُقاس:
أن أقول كل شيء… دون أن أتكلم،
وأن أصرخ… دون أن يسمعني أحد،
وأن أضيء طريقًا… لشخصٍ ربما لم يولد بعد.
فن الشمع له رسالة…
ولكل شعلة فيه أثرٌ لا يُمحى.
أنا لست هنا لأقدّم فنًا غريبًا،
بل لأدعُوكم لاكتشاف زاوية جديدة من الحياة…
حيث النار لا تحرق… بل تُلهم.
شكرًا لكل من آمن أن للفن ألف طريقة كي يُولَد،
وأن الشمع، حين ينطق… لا يُنسى.


