كتب : محمود حنيش – العرب نيوز اللندنية
حكومة بايرو تنهار: البرلمان الفرنسي يحجب الثقة والرئيس ماكرون يستعد لتعيين خليفة
محمود حنيش – العرب نيوز اللندنية
في خطوة غير مسبوقة بتاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، سقطت حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو بعد تصويت الجمعية الوطنية على حجب الثقة عنها
حيث حصلت الحكومة على 194 صوتًا مؤيدًا مقابل 364 صوتًا ضد، ما دفع بايرو إلى تقديم استقالته صباح اليوم الثلاثاء إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، وفقًا للمادة 50 من الدستور الفرنسي.
أسباب سقوط الحكومة
تأتي استقالة الحكومة على خلفية خطة التقشف التي أعلنها بايرو، والتي تضمنت خفض الإنفاق العام بمقدار 44 مليار يورو، شملت إجراءات مثيرة للجدل مثل إلغاء عطلتين رسميتين وتقليص بعض المزايا الاجتماعية.
وجاءت هذه الإجراءات في وقت بلغت فيه نسبة الدين العام الفرنسي 114% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 3.345 تريليون يورو، مما أثار استياء واسعًا في الشارع الفرنسي، وأدى إلى موجة احتجاجات شعبية ومخاوف بشأن قدرة الحكومة على تحقيق التوازن المالي دون الإضرار بالمواطنين.
تداعيات سياسية
يشكل سقوط حكومة بايرو اختبارًا صعبًا للرئيس ماكرون، الذي عليه اختيار رئيس وزراء جديد قادر على تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان في ظل برلمان منقسم، حيث لم يعد لأي حزب أغلبية واضحة.
من بين الأسماء المطروحة لتولي رئاسة الحكومة:
وزير العدل جيرالد دارمانان
وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو
وزيرة الصحة كاترين فوتران
رئيس الوزراء السابق برنار كازنوف
زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور
ردود الفعل السياسية
تباينت ردود الفعل بين الأطراف السياسية في فرنسا:
زعيم حزب “فرنسا الأبية” اليساري جان لوك ميلانشون رحب بسقوط الحكومة، داعيًا الرئيس ماكرون إلى الاستقالة أيضًا.
رئيسة كتلة الجبهة الوطنية مارين لوبان اعتبرت سقوط الحكومة “واجبًا” لاستعادة الثقة السياسية.
في المقابل، أكد الرئيس ماكرون عزمه على الاستمرار في ولايته حتى عام 2027، مشيرًا إلى أنه سيعين رئيس وزراء جديدًا خلال أيام لتجاوز الأزمة الحالية.
التحديات المقبلة
يواجه الرئيس ماكرون تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة، أبرزها:
تشكيل حكومة مستقرة: إيجاد رئيس وزراء قادر على تمرير الإصلاحات المالية والسياسية في ظل برلمان منقسم يمثل صعوبة كبيرة.
التعايش مع المعارضة: قد يلجأ ماكرون إلى خيار “التعايش”، أي العمل مع رئيس وزراء من حزب معارض، ما قد يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويحد من قدرة الحكومة على تنفيذ سياساتها.
احتواء الغضب الشعبي: الحكومة الجديدة ستحتاج إلى خطة لإعادة الثقة بين المواطنين والسياسيين، مع التعامل مع الاحتجاجات المستمرة ضد سياسات التقشف.
تداعيات اقتصادية
يترتب على استقالة الحكومة تحديات اقتصادية واضحة، إذ أن استمرار الأزمة السياسية قد يؤثر على قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ السياسات المالية والاقتصادية الضرورية لخفض الدين العام وتحفيز النمو، خاصة في ظل ضغط السوق والمستثمرين الأوروبيين والدوليين.
الخلاصة
سقوط حكومة بايرو يمثل فصلًا جديدًا في المشهد السياسي الفرنسي، ويبرز هشاشة الاستقرار في البرلمان الفرنسي الحالي. ويحتاج الرئيس ماكرون إلى التحرك بسرعة لتعيين رئيس وزراء جديد قادر على بناء توافقات سياسية، مع إدارة الأزمة الاقتصادية والمالية التي أثارت موجة من الغضب الشعبي.
كما أن المرحلة المقبلة تتطلب توازنًا دقيقًا بين الإصلاحات الاقتصادية واحتواء الغضب الشعبي، إضافة إلى بناء تحالفات برلمانية جديدة لضمان قدرة الحكومة القادمة على إدارة الملفات الحيوية دون شلل سياسي أو اقتصادي.


