كتب : يسرا عبدالعظيم
ثورة طبية أميركية : علاج نانوي يعيد الحياة لخلايا الكبد التالفة
يعمل باحثون في جامعة تكساس «إيه آند إم» الأميركية على تطوير علاج ثوري لأمراض الكبد المزمنة الناتجة عن استهلاك الكحول، باستخدام جسيمات نانوية دقيقة أصغر بألف مرة من سُمك شعرة الإنسان، قادرة على وقف الالتهاب والتليّف في الكبد بفاعلية عالية.
ووفقاً لما نشرته دورية (Biomaterials)، فإن هذه التقنية قد تمثل اختراقاً علمياً في مواجهة أحد أكثر التحديات الصحية العالمية خطورة، إذ تُصيب أمراض الكبد أكثر من 1.5 مليار شخص حول العالم، وتتراوح من الالتهاب المزمن إلى التليّف وتشمع الكبد، وقد تتطور إلى سرطان الكبد في المراحل المتقدمة.
تعتمد العلاجات التقليدية على تقليل الالتهاب والتوقف عن تناول الكحول، لكنها لا تستهدف السبب الجذري لتدهور أنسجة الكبد. بينما ابتكر فريق جامعة تكساس جسيمات نانوية آمنة وقابلة للتحلل الحيوي يمكنها استهداف خلايا الكبد التالفة بدقة والالتصاق بها، مما يساعد على وقف تفاقم المرض واستعادة التوازن المناعي داخل الكبد.
ويُعرف الكبد بقدرته المذهلة على تجديد نفسه حتى بعد تلف ما يصل إلى 80% من أنسجته، وتلعب فيه خلايا مناعية تُسمى خلايا كوبفر (Kupffer cells) دور الحارس المناعي، إذ تساعد في مقاومة العدوى والسموم وتهدئة الالتهابات.
لكن في الحالات المزمنة، ومع استمرار التلف، تفقد هذه الخلايا توازنها، وتتحول من عامل مقاوم للالتهاب إلى مصدر له، عبر إفراز إشارات تُحفّز تكوين أنسجة ندبية تُعرف بعملية التليّف، التي قد تنتهي بفشل الكبد أو الإصابة بالسرطان.
العلاج الجديد يستهدف هذه النقطة تحديدًا، إذ جرى تعديل سطح الجسيمات النانوية لتتعرف على بروتين خاص يوجد فقط في «خلايا كوبفر»، مما يسمح لها بالتفاعل معها حصريًا دون التأثير على باقي خلايا الكبد.
وعند ارتباط الجسيمات بالبروتين، تُحفّز هذه الخلايا على سلوك مضاد للالتهاب بدلاً من السلوك الذي يؤدي إلى التليّف، ما يوقف سلسلة التدهور.
وفي تجارب مخبرية أولية، أظهرت النتائج أن الجسيمات النانوية نجحت في تقليل الالتهاب وتراكم الدهون ومؤشرات التليّف مقارنة بالعلاجات التقليدية، مع تحسن ملحوظ في وظائف الكبد.
ويرى الباحثون أن هذا الابتكار لا يقتصر على أمراض الكبد فقط، بل يمكن أن يفتح المجال أمام علاجات نانوية موجهة لمجموعة واسعة من الأمراض المزمنة التي تتضمن التهابات أو تليّف في أعضاء أخرى مثل الرئتين أو الكلى.


