كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
نيجيريا – العرب نيوز
أثارت المحكمة العليا في نيجيريا جدلاً واسعاً بعد إصدارها أحكامًا قضائية غير مسبوقة بحق مجموعة من مستخدمي منصة تيك توك، تشمل إلزامهم بـ”جواز رقمي بأمر المحكمة” كجزء من العقوبات المقررة على نشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة بين المواطنين والحقوقيين ووسائل الإعلام الدولية.
وقالت مصادر قضائية إن هذه الأحكام صدرت بعد تحقيقات واسعة في محتوى الحسابات على تيك توك، التي اتهمت أصحابها بـنشر فيديوهات تحرض على الفوضى أو تنشر معلومات مضللة، مشيرة إلى أن المحكمة اعتمدت على قوانين نيجيرية جديدة تنظم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتفرض رقابة صارمة على المحتوى الرقمي الذي يُعتبر تهديدًا للأمن العام.
وأوضح محامون مشاركون في القضية أن “جواز المحكمة” يعني أن الأشخاص المعنيين ملزمون بتسجيل بياناتهم ومتابعة نشاطهم الرقمي تحت إشراف القضاء، إضافة إلى احتمال فرض غرامات مالية أو عقوبات إضافية في حال مخالفة التوجيهات القضائية، وهو ما اعتبره البعض تدخلًا غير مسبوق في الحياة الرقمية للأفراد.
وأثار القرار جدلاً واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رأى ناشطون أن هذه العقوبات تنذر بموجة من التضييق على حرية التعبير في نيجيريا، بينما أكدت السلطات أن الهدف هو حماية المجتمع من المعلومات المضللة والفوضى الرقمية، واعتبرت أن القانون الجديد جاء لتنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بما يتوافق مع الأمن القومي والمصلحة العامة.
وتشير تقارير محلية إلى أن هذا القرار يأتي في إطار جهود نيجيريا لتشديد الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي بعد موجة من الأحداث التي شهدتها البلاد خلال العامين الماضيين، والتي ربطتها السلطات بنشر محتوى تحريضي على مواقع الفيديوهات القصيرة مثل تيك توك، ما دفع الحكومة إلى المطالبة بمزيد من التدخل القضائي لتنظيم النشاط الرقمي.
من جانبها، اعتبرت منظمات حقوقية دولية القرار سابقة مثيرة للجدل على مستوى العالم، مشيرة إلى أن “جواز المحكمة الرقمي” يشكل خطوة غير معتادة قد تؤثر على حرية الإنترنت وحرية التعبير في أفريقيا، ودعت إلى ضرورة التوازن بين الأمن الرقمي وحقوق الأفراد في التعبير والمشاركة على منصات التواصل الاجتماعي.
ويثير القرار تساؤلات حول مدى قدرة القضاء في نيجيريا على فرض الرقابة الرقمية بشكل فعال دون تجاوز حقوق المستخدمين، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على المنصات الرقمية للتواصل والتعبير عن الرأي، وسط توقعات بأن يشهد المشهد الرقمي في البلاد موجة من التعديلات التشريعية والأحكام القضائية الجديدة في الفترة المقبلة.
وتبقى قضية تيك توكرز نيجيريا واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل على مستوى حقوق الأفراد في العالم الرقمي، في وقت يراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات التي قد تشكل سابقًا قانونيًا جديدًا لتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في أفريقيا والعالم.


