كتب : يسرا عبدالعظيم
تونس: 90٪ من النساء يتعرضن للتحرش… أرقام صادمة تكشف واقعاً مظلماً خلف صورة الريادة في حقوق المرأة
كشفت بيانات وتقارير حقوقية أن حوالي 90٪ من النساء في تونس قد تعرضن لشكل من أشكال التحرّش الجنسي في وسائل النقل أو الأماكن العامة، ما يُظهر فجوة ضخمة بين المكاسب التشريعية والنفسية في حقوق المرأة وبين الواقع اليومي الذي ما زال يشكّل بيئة محفوفة بالمخاطر.
المعطيات الأساسية
بحسب تقرير نشرته منظمة حقوق الإنسان، بين عامي 2011 و2015، أفاد ما بين 70٪ و90٪ من النساء المشارِكات بتجربتهن للتحرش، وخصوصاً في وسائل النقل العمومي.
بيانات أخرى تشير إلى أن 78.1٪ من النساء تعرضن لعنف جنسي في أماكن عامة، و75.4٪ في أماكن العمل خلال نفس الفترة.
رغم أن تونس تعتبر من الدول التي طوّرت تشريعات لحماية المرأة، إلا أن ثقافة الصمت والخوف من الاستنكار الاجتماعي ما زالت تحدّ من الإبلاغ والمساءلة.
منذ ثورة 2011، قامت تونس بعدّة خطوات بارزة في مجال حقوق المرأة؛ منها تعديل الدستور لتضمن المساواة بين الجنسين، وإقرار قانون «مكافحة العنف ضد المرأة» في 2017. ومع ذلك، تقول الباحثة سارة يركس: «رغم التقدم، عندما نأتي لمسألة التحرّش الجنسي، ما زالت البيانات الصادمة تظهر مدى عُمق القضية».
ويشير تقرير «#EnaZeda» (نُشِط بعد فضائح تحرش) إلى أن تحوّل المجتمع نحو الحديث العلني عن التحرّش بدأ يتعرّض لردود فعل سلبيّة تمنع بعض الضحايا من التبليغ.
كارنيغي للسلام الدولي
لماذا لا تنعكس المكاسب القانونية في واقع آمن للنساء؟
قانون الحماية مهم، لكنه مازالت معدلات الإبلاغ منخفضة بسبب الوصمة الاجتماعية والخوف من الانتقام.
أيضاً، غياب قاعدة بيانات وطنية دقيقة يجعل من الصعب قياس مدى انتشار العنف والتحرّش، وبالتالي صعوبة رسم سياسات فعالة مستندة إلى بيانات.
العنف الجنسي ليس فقط جسدياً؛ بل يمتد إلى الفضاء الرقمي، حيث تُوثّق حالات تحرش وتهديد عبر الشبكات الاجتماعية، ما يزيد من التعقيد.
مسارات مقترحة لتعزيز الحماية
تحسين الوصول إلى العدالة: تكثيف حملات التوعية، تقوية وحدات التدخّل السريع للضحايا، وتسهيل التبليغ بدون خوف من العار أو الانتقام.
تعزيز التعليم والمناهج المدرسية التي تتناول مسائل التحرّش الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي منذ المراحل الابتدائية.
إنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة عن العنف ضد المرأة تشمل التحرّش وتقارير إنفاذ القانون لتقييم السياسات.
تحديث التشريعات لتغطي العنف الرقمي والتحرّش عبر الإنترنت وضمان آليات لمساءلة مرتكبيه.
، تبدو تونس اليوم أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على موقعها الريادي في حقوق المرأة في المنطقة، وفي الوقت نفسه ضمان أن هذا الموقع لا يبقى مجرد عنوان قانوني أو إعلامي، بل يتحول إلى واقع يومي آمن لجميع النساء. الأرقام التي تصل إلى مستويات مقلقة مثل «90٪» تحث على سرعة التحرك والابتكار في الحلول.


