كتب : يسرا عبد العظيم
توقف توربينات سد النهضة.. خبير يكشف حقائق صادمة وتداعيات محتملة على تدفق المياه
أثار الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، جدلاً واسعًا بعد إعلانه أن كافة توربينات توليد الكهرباء في سد النهضة الإثيوبي متوقفة عن العمل منذ افتتاحه في سبتمبر الماضي، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول كفاءة السد، وسيناريوهات تشغيله المستقبلية، وتأثير ذلك على دولتي المصب، مصر والسودان.
توربينات معطّلة منذ الافتتاح
وفق تصريحات شراقي:
منذ 9 سبتمبر / أيلول الماضي، لم تُسجّل أي عملية تشغيل مستمرة للتوربينات.
صور الأقمار الصناعية بتاريخ 12 أكتوبر أظهرت تشغيلًا تجريبيًا لأحد توربينات الجانب الأيمن، تزامن مع غلق بوابات المفيض، لكن أعيد فتح إحدى البوابات سريعًا.
في 2 نوفمبر تقريبًا، تكرر السيناريو ذاته بتجربة تشغيل أحد توربينات الجانب الأيسر، أيضاً مع غلق مؤقت للبوابة العلوية للمفيض.
لماذا توقف التشغيل؟
يرى شراقي أن توقف التوربينات ليس مجرد قرار فني، بل يعكس مشكلات أكبر:
نقص منسوب المياه خلف السد، مع انخفاض الإيراد المائي اليومي من نحو 120 مليون متر مكعب إلى 50 مليون فقط بحلول نهاية الشهر.
القدرة التشغيلية المحدودة للتوربينات، حيث أن هذه الكمية من المياه لا تكفي لتشغيل سوى توربين أو اثنين لساعات قليلة.
غياب شبكة نقل كهرباء فعّالة تربط السد بالشبكة الوطنية الإثيوبية، ما يجعل إنتاج الكهرباء غير مؤثر اقتصاديًا.
احتمال فتح بوابات المفيض من جديد
أوضح شراقي أن استمرار توقف التوربينات سيجبر إثيوبيا على:
فتح بوابات المفيض لتصريف المياه المتراكمة، كما حدث خلال موسم الفيضان.
أو تشغيل التوربينات لفترات قصيرة جدًا فقط لتفريغ المياه، دون أن يُسهم ذلك فعليًا في إنتاج كهرباء مستقرة.
هل يتأثر تدفق المياه إلى مصر والسودان؟
طمأن الخبير المصري الرأي العام مؤكدًا:
المياه تصل إلى السودان ومصر سواء عبر التوربينات أو من خلال بوابات التصريف.
لا توجد أزمة تمرير للمياه حاليًا، إذ يستمر تدفق النيل الأزرق باتجاه بحيرة السد العالي.
السد العالي في مصر يستقبل الوارد المائي بكفاءة عالية، وحالة التخزين به “ممتازة” بحسب وصفه.
قراءة في المشهد الفني والسياسي
1. تقنيًا:
توقف التوربينات بعد أشهر قليلة من افتتاحها رسميًا يثير الشكوك حول كفاءة التصميم، ضغط المياه غير الكافي، أو أعطال ميكانيكية.
إثيوبيا لم تنجح بعد في تحويل السد إلى مشروع طاقة فعّال رغم استثماراته الضخمة.
2. سياسيًا:
التوقف يُضعف الحجة الإثيوبية بأن السد مشروع كهرباء تنموي وليس أداة ضغط سياسي.
استمرار عدم الشفافية حول التشغيل يفتح الباب أمام المطالب الدولية باستئناف المفاوضات الفنية والقانونية.
3. مصريًا وسودانيًا:
الوضع المائي الحالي لا يشكّل تهديدًا مباشرًا.
لكن استمرار غياب اتفاق قانوني ملزم يظل جوهر الأزمة، خاصة مع احتمالات الملء الخامس مستقبلاً.
تصريحات الدكتور عباس شراقي تكشف أن سد النهضة يعمل حاليًا كخزان مياه وليس كسد لتوليد الطاقة. التوربينات شبه متوقفة، والإنتاج الكهربائي محدود، فيما تظل المياه تمر طبيعيًا لدول المصب. وبينما يبدو الوضع المائي مطمئنًا مؤقتًا، إلا أن المعادلة السياسية والفنية للسد ما زالت مفتوحة على احتمالات متعددة.


