كتب : يسرا عبدالعظيم
تصريحات نائب الرئيس الأميركي وكبار المفاوضين عقب زيارة غزة: «تقدّم ملموس — ولكن التطبيق الأصعب»
أدلى نائب الرئيس الأميركي وقيادات ملف الاتفاق حول غزة، مساء الثلاثاء، بسلسلة تصريحات حملت رسائل تفاؤل حذرًا حول سير تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وخطة إعادة الإعمار، مع تأكيدات متكررة على نقطتين محوريتين: أن الانتصار الحقيقي الآن ليس في التوقيع بل في تطبيق بنود الاتفاق، وأن الولايات المتحدة لن ترسل قوّات برية إلى قطاع غزة.
موجز ما صرّحوا به
أشار نائب الرئيس إلى أن «بعض العنف في غزة لا يعني نهاية السلام»، مؤكدًا أن «الموقف ممتاز ونحقق إنجازات مذهلة»، وأن «تنفيذ خطة ترمب بشأن غزة يسير بشكل أفضل مما توقعنا».
وصف أحد كبار الوسطاء (ويتكوف) توقيع الاتفاق بأنه «تحدٍ»، لكنه حذّر أن «التطبيق هو المرحلة الأهم» وأن «الوضع تجاوز توقعاتنا».
جاريد كوشنر قال إن العمل الآن يتركز على «استكمال المرحلة الثانية من الاتفاق» واعتبر أن الطرفين «ينتقلان من عامين من الحرب إلى عصر من السلام»، مع إعلان تحقيق «تقدّم في استعادة جثامين الرهائن من غزة» وتأكيد وجود «تنسيق كبير بين إسرائيل والأمم المتحدة بشأن المساعدات الإنسانية».
نائب الرئيس فانس (Vance) أكد أن «اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة سيصمد» في حال التزام الأطراف، لكنه شدد على أن إسرائيل «ستوافق على نوع القوات التي ستكون على الأرض في إسرائيل كجزء من خطة ترمب»، وأن «لن يكون هناك جنود أميركيين على الأرض في غزة».
بشأن الأسلحة والتمويل: كرّر فانس وكوشنر التأكيد أن «أموال إعادة الإعمار لن تذهب إلى مناطق تسيطر عليها حماس»، وأن على «حماس تسليم سلاحها» وإلا «فأمور سيئة ستحصل». في المقابل ذكر فانس أن «المقاتلين يمكن أن يحصلوا على العفو» إذا تصرّفوا بشكل صحيح، وأنه «لن تُحدد مهلة زمنية لتسليم جثث المختطفين»، لأن «أماكن جثث بعض الرهائن في غزة غير معروفة».
في البُعد الإقليمي، قال فانس إن الولايات المتحدة «تريد لإيران الازدهار» لكنها «لن تسمح لها بامتلاك سلاح نووي» وستستخدم «كل السبل الدبلوماسية» لمنع ذلك.
ما الذي يعنيه ذلك عمليًا؟
تفاؤل مشروط بالتنفيذ: تصريحات المسؤولين تعبّر عن رضا حذر تجاه التقدّم في تنفيذ اتفاق منظم ومعقّد. التحدّي الآن هو تحويل البنود السياسية واللوجستية لاتفاق إلى واقع على الأرض — من تبادل جثامين ورهائن إلى تسليم أسلحة ومراقبة المعابر.
التركيز على آليات التطبيق: أكثر من مجرد توقيع، يبدو أن التركيز الآن على «المرحلة الثانية» لخطّة تشمل آليات لعمليات التمشيط، تسليم الأسلحة، وصرف أموال إعادة الإعمار بشروط رقابية واضحة.
حرفية في إدارة المساعدات: استبعاد مناطق سيطرة حماس من الاستفادة المباشرة من أموال الإعمار يضع عبئًا لوجستيًا كبيرًا على الأمم المتحدة والوسطاء لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين دون تحويلها لصالح المجموعات المسيطرة.
الحدود العسكرية والدور الأميركي: تأكيد عدم وجود قوات أميركية برية في غزة يضع عيبًا استراتيجيًا: كيف تضمن الخطة حذف القدرات العسكرية لحماس دون وجود قوة دولية على الأرض؟ الحل يبدو معتمدًا على آليات رقابية محلية وإقليمية ودولية ومراقبة عبر قنوات أخرى (مثل طائرات وإنفاذ شرطي/محلي).
قضية الجثامين والرهائن: اعتراف فانس بعدم معرفة مواقع بعض الجثث يوضح صعوبة الملف الإنساني والجنائي؛ ونية عدم وضع مهلة زمنية تشير إلى أن استرداد الجثث والرهائن قد يستغرق وقتًا طويلًا.
ردود فعل متوقعة
إسرائيليًا: تصريحات تؤكد حاجة تل أبيب لضمان أمنها قبل أي تسهيلات ستلاقى بترحيب لدى بعض أوساط الحكومة والمحافظين، وقد تثير قلقاً لدى من يطالبون بملاحقة حازمة لحماس.
فصيليًا/محليًا في غزة: الموقف مرهون بانضباط جميع الفصائل وقد يؤدي أي خرق أو عنف متكرر إلى إعاقة مراحل التنفيذ.
دوليًا: المجتمع الدولي والأمم المتحدة سيحظيان بدور محوري في تنفيذ بنود الإغاثة وإعادة الإعمار، وستزداد الضغوط لتأسيس آليات شفافة لصرف الأموال.
تصريحات نائب الرئيس وكوشنر وفانس تعكس حالة من «التفاؤل العملي»؛ هناك تقدّم ملموس بحسبهم، لكن الطريق لا يزال محفوفًا بالمخاطر. التحدّي الأكبر الآن هو ضمان تطبيق بنود الاتفاق بشكل متسق، خصوصًا ما يتعلق بنزع السلاح، حماية المساعدات الإنسانية، استرداد الجثامين والرهائن، وضمان عدم تحويل أموال الإعمار إلى جهات مسيطرة على الأرض. وفي سبيل ذلك، تبدو واشنطن حريصة على الحفاظ على دور وسطي قوي، مع تأكيدها كذلك على حدود تورطها العسكري المباشر.


