كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
القدس – العرب نيوز
بعد الإعلان عن إتمام صفقة تحرير الرهائن والأسرى بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة دولية وإقليمية واسعة، تعود القضايا العالقة والمعقدة لتتصدر المشهد السياسي والأمني بين الطرفين، في ظل غياب اتفاق نهائي يضمن استقرار الأوضاع في قطاع غزة والمنطقة بأكملها. فرغم الأجواء الإيجابية التي صاحبت عملية التبادل، إلا أن الملفات الخلافية لا تزال كثيرة، وتشكل تحديًا أمام أي تسوية دائمة.
بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن أبرز القضايا التي تعيق التقدم في المفاوضات تتعلق بمستقبل إدارة قطاع غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية، وضمانات عدم عودة المواجهة المسلحة، إلى جانب ملف إعادة الإعمار ورفع الحصار، وهي ملفات تصفها الأطراف الوسيطة بأنها “الأكثر حساسية” على الإطلاق منذ اندلاع الحرب الأخيرة.
في المقابل، تسعى إسرائيل إلى ربط أي خطوات مستقبلية بما تسميه “ضمان الأمن الكامل لمواطنيها”، وتصر على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، بينما تؤكد حماس أن أي حديث عن الأمن الإسرائيلي لا يمكن أن يسبق ضمان الحقوق الفلسطينية ورفع الحصار المفروض منذ أكثر من 17 عامًا.
وتشير التقارير إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين، التي تجري برعاية مصر وقطر وبدعم من الولايات المتحدة، تواجه تعقيدات إضافية تتعلق بترتيب الأولويات؛ فبينما تطالب حماس بضمانات مكتوبة لإعادة إعمار القطاع وفتح المعابر، تصر إسرائيل على معرفة مصير جنودها المفقودين منذ حرب 2014، وهو ملف تعتبره من “الثوابت الوطنية”.
الموقف الدولي يبدو أكثر ميلاً نحو دعم استمرار التهدئة وتثبيت الهدنة، مع التشديد على ضرورة معالجة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة، حيث أكدت الأمم المتحدة أن أي اتفاق دائم يجب أن يتضمن خطة واضحة لإعادة الخدمات الأساسية وتشغيل المؤسسات المدنية، وهو ما يتطلب التزامًا سياسيًا واقتصاديًا من الأطراف كافة.
في هذا السياق، يرى محللون أن “صفقة الأسرى” وإن كانت خطوة مهمة نحو تهدئة مؤقتة، إلا أنها لا تعني بالضرورة اقتراب الحل النهائي، خاصة أن جذور الصراع لا تزال قائمة، سواء في ما يتعلق بالسيادة على القطاع أو مستقبل الدولة الفلسطينية. ويعتبر المراقبون أن ما بعد الصفقة ربما يكون أكثر تعقيدًا من المفاوضات نفسها، لأن كل طرف يسعى لتثبيت مكاسب سياسية وشعبية في مرحلة شديدة الحساسية.
ويبدو أن الطريق نحو أي اتفاق شامل لا يزال طويلًا، وسط غياب الثقة المتبادلة، وتضارب المصالح الإقليمية، وتعدد الحسابات الداخلية في كل من تل أبيب وغزة. ومع ذلك، فإن الوسطاء الدوليين يؤكدون أن استمرار الحوار هو الخيار الوحيد لتجنب العودة إلى التصعيد، في وقت بات فيه الشارعان الإسرائيلي والفلسطيني يتطلعان إلى بصيص أمل ينهي سنوات من العنف والمعاناة.
عدد المشاهدات: 0


