كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
شهدت العاصمة الفرنسية باريس مساء السبت تظاهرة جماهيرية في ساحة الباستيل، حيث نادى المحتجون بـ”تحرك دولي فوري” توقف ما وصفوه بـ”مجازر المدنيين” في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، التي تشهد صراعاً دامياً ومتواصلاً من قبل قوات الدعم السريع.
رُفعت الأعلام السودانية إلى جانب لافتات كُتب عليها “الفاشر لن تُنسى” و“حقوقنا فوق الخراب”، بينما شرع المتظاهرون في دقيقة صمت على أرواح الضحايا قبل أن يسيروا نحو ساحة الأمة مطالبين بالمحاسبة الدولية للمسؤولين عن عمليات العنف.
وقد شارك في التظاهرة أعضاء في البرلمان الفرنسي وممثلو جمعيات حقوق الإنسان، الذين أكّدوا على أن ما يجري في الفاشر ليس مجرد صراع محلي بل “جريمة ضد الإنسانية”، وأن أوروبا عاجزة حالياً عن ردع هذا العنف لكنها “لا تملك ترفّ الصمت”.
التظاهرة أعادت فتح ملف دارفور على الساحة الدولية، خصوصاً أن المنطقة منذ إبريل 2023 تواجه معارك عنيفة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، مع تقارير عن آلاف القتلى والمشردين داخلياً وخارجياً.
ما الذي دفع إلى هذا التحرك؟
تتصاعد التقارير الحقوقية التي وثّقت “ذبحاً جماعياً” وتشريداً واسعاً للمدنيين في الفاشر، وهو ما أجج الاستنفار في الجاليات السودانية والعربية في أوروبا.
باريس نفسها جاءت موقعاً رمزياً؛ فالباستيل هو ساحة ثورة الحرّيات في 1789، فاختيارها اليوم للتظاهر يعكس رسالة تضامن قوية من العاصمة الفرنسية.
المشاركون اعتبروا أن هذه الوقفة احتفاءً بالضمائر الحيّة، وتحدياً للصمت الدولي تجاه مجازر تُمارَس في قلب أفريقيا نُشرت على نطاق واسع دون رادع فاعل.
نحو ماذا يتجه الوضع؟
الأنظار موجهة الآن إلى ما بعد هذه الوقفة:
هل تشجّع تظاهرات مماثلة في برلين ولندن ومدن أوروبية أخرى على مزيد من الضغط على حكومات الغرب للتدخّل؟
هل سيكون هناك طلب رسمي من فرنسا أو الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على المتورّطين أو فتح تحقيق دولي معتبر؟
وكيف ستتفاعل الخرطوم مع هذا التحرك الخارجي؟ وهل سينعكس الأمر على مسار التفاوض أو استجلاب مساعدات إنسانية عاجلة للفاشر؟
تبقى مدينة الفاشر، رغم بُعدها الجغرافي، في بؤرة اهتمام عالمي متجدد، والتظاهرات في باريس تؤكد أن لا نجاة من “ذاكرة الجريمة” أياً كان مكانها.


