كتب : محمود حنيش - العرب نيوز اللندنيه
الهجوم على قطر: هل يغير طبيعة العلاقة بين الخليج وأمريكا؟
شهدت منطقة الخليج العربي تطورًا بارزًا تمثل في الهجوم الذي استهدف دولة قطر، وهو حدث أعاد إلى الواجهة النقاش حول مستقبل الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج.
ويأتي ذلك في ظل متغيرات إقليمية ودولية متسارعة تضع الأطراف كافة أمام تحديات جديدة.
قطر: ركيزة أمنية لا غنى عنها
منذ عقود، تلعب قطر دورًا محوريًا في الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة. فقاعدة العديد الجوية ليست مجرد منشأة عسكرية
بل هي مركز عمليات رئيسي لإدارة المهام الأمريكية في الخليج والشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
هذا الارتباط يجعل من قطر عنصرًا لا يمكن تجاوزه عند الحديث عن أمن الخليج. وبالتالي
فإن أي تهديد يتعرض له الأمن القطري يُعد تهديدًا مباشرًا للبنية الأمنية الأمريكية التي ترسخت منذ حرب الخليج الثانية عام 1991.
أبعاد الهجوم وتداعياته الإقليمية
أثار الهجوم على قطر ردود فعل متباينة داخل دول مجلس التعاون الخليجي. فمن ناحية، برزت المخاوف من إمكانية تكرار مثل هذه العمليات واستهداف دول أخرى، مما يضع المظلة الأمنية الأمريكية على المحك.
ومن ناحية أخرى، ظهرت دعوات لضرورة تنويع الشراكات الدفاعية، سواء مع قوى إقليمية كتركيا أو دولية كالصين وروسيا. ومع ذلك،
يبقى من الصعب الاستغناء عن الولايات المتحدة في المدى القريب.
واشنطن أمام اختبار المصداقية
يشكل هذا الهجوم اختبارًا لمصداقية الولايات المتحدة أمام حلفائها. فالولايات المتحدة لطالما قدّمت نفسها كضامن رئيسي لأمن الخليج، لكن أي تردد في الرد قد يضعف هذه الصورة.
الإدارة الأمريكية مطالبة اليوم بالموازنة بين أمرين: إثبات التزامها بحماية حلفائها
وتجنب الانجرار إلى مواجهات عسكرية مباشرة قد تفاقم التوترات الإقليمية.
الموقف الخليجي: بين القلق والبراغماتية
لا تنظر دول الخليج إلى الهجوم على قطر باعتباره شأنًا ثنائيًا فحسب، بل كرسالة إلى المنظومة الأمنية بأكملها. ورغم اختلاف المواقف السياسية بين العواصم الخليجية، إلا أن القلق المشترك من هشاشة الوضع الأمني يظل حاضرًا.
لكن في المقابل، تدرك هذه الدول أن الولايات المتحدة ما زالت تحتفظ بالتفوق العسكري والسياسي الذي يصعب تعويضه في المدى المنظور.
أبعاد دولية أوسع
انعكاسات الهجوم تتجاوز العلاقة الخليجية – الأمريكية لتصل إلى المنافسة الدولية. فروسيا والصين تتابعان عن كثب أي مؤشرات على تراجع الالتزام الأمريكي
ما قد يفتح أمامهما فرصًا أوسع للتمدد في الخليج. وفي الوقت نفسه، تولي القوى الأوروبية اهتمامًا كبيرًا باستقرار المنطقة لارتباطه المباشر بأمن الطاقة العالمي.
مستقبل العلاقة الخليجية – الأمريكية
من غير المرجح أن تؤدي هذه التطورات إلى قطيعة بين الطرفين، لكنها بلا شك تدفع باتجاه إعادة تقييم العلاقة. دول الخليج ستبحث عن بدائل موازية لتعزيز أمنها، فيما ستسعى واشنطن للحفاظ على نفوذها من خلال آليات أكثر مرونة وافاق
يمثل الهجوم على قطر لحظة اختبار جديدة للشراكة الخليجية – الأمريكية. فبينما تبقى واشنطن شريكًا استراتيجيًا يصعب الاستغناء عنه، فإن الخليج لم يعد يتعامل معها بالاعتماد المطلق كما كان في السابق.
وبقدر ما ستتمكن الولايات المتحدة من إثبات التزامها، بقدر ما ستظل الطرف الأكثر تأثيرًا فمي معادلة الأمن الخليجي، وإلا فإن الباب سيُفتح تدريجيًا أمام قوى أخرى لإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة.


