كتب : يسرا عبدالعظيم
القوات الإيرانية تحذّر وتلوح بالرد ــ وزير الخارجية الإيراني: «مستعدون لكل الاحتمالات وإسرائيل ستتلقى هزيمة أخرى»
طهران — قال وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة اعلامية
إن بلاده «مستعدة لكل الاحتمالات» وتحذر من أي «سلوك عدواني» من إسرائيل، مؤكداً أن الجمهورية الإسلامية «أكثر استعداداً على كل المستويات» وأن «إسرائيل ستتلقى هزيمة أخرى في أي حرب مقبلة».
في حديثٍ اتسم بالحدة والتأكيد على جاهزية طهران العسكرية والدبلوماسية، قدّم الوزير سلسلة من التصريحات التي تبرز موقف إيران من التطورات الإقليمية الأخيرة، وفيما يلي أبرز ما صرّح به وأبعاده:
نقاط رئيسية من التصريحات
الاستعداد لكل الاحتمالات: شدّد الوزير على أن إيران تتوقع أي تصرّف عدائي من الجانب الإسرائيلي، وتؤكد استعدادها «على كل المستويات» لمواجهة أي تهديد.
تجربة عسكرية واختبار للصواريخ: قال إن طهران «اكتسبت تجربة كبيرة من حربنا الأخيرة» وإنها «اختبرت صواريخها في معركة حقيقية»، في إشارة إلى تجارب قتالية سابقة اعتبرتها مرجعية لتطوير قدراتها.
تحذير من تصعيد إسرائيلي: حذّر من أن أي عمل عدائي إسرائيلي «ستكون نتائجه سيئة عليه»، مع توصيف لنتنياهو بأنه «مجرم حرب» واتهام بـ«محاولة توسيع دائرة الحرب إلى المنطقة باستهداف منشأتنا النفطية».
الصلب في المسائل الحساسة: كرّر الموقف الإيراني التقليدي بعدم الرغبة في التفاوض حول البرنامج الصاروخي، وقال «لن نتفاوض على برنامجنا الصاروخي ولا يمكن لأي عاقل القبول بتجريده من السلاح». كما أكد أن بلاده «لن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم»، مضيفاً: «ما لم يؤخذ بالحرب لا يمكن منحه بالسياسة».
استعداد للمفاوضات بشروط: في الوقت نفسه، لم يستبعد الوزير إمكانية «التوصل إلى اتفاق عادل» حول الملف النووي، لكنه حمّل واشنطن مسؤولية جعل الشروط «تعجيزية وغير مقبولة»، وأكد «لا رغبة لنا في مفاوضات مباشرة» مع الولايات المتحدة.
الادعاء بوجود ضوءٍ أمريكي لشنّ هجمات على إيران: اعتبر أن «الكيان الإسرائيلي لم يكن ليشن حرباً على إيران دون ضوء أخضر أمريكي»، ما يعكس اتهاماً ضمنياً لمنظومة التحالفات والعلاقات بين تل أبيب وواشنطن.
دلالات سياسية واستراتيجية
تصريحات وزير الخارجية الإيرانية تلتقط مزيجاً من الردع العسكري والخطاب الدبلوماسي المتحفّظ: من جهة، يؤسّسون لخطاب قوة يهدف لردع أي تحرّك إسرائيلي أو إقليمي ضد طهران؛ ومن جهة أخرى، يفتحون باباً مشروطاً للمفاوضة بشأن الملف النووي إذا توفرت «شروط عادلة» — لكن مع نقاط انعطاف حاسمة (رفض المساس بالبرنامج الصاروخي واستمرار التخصيب).
هذا الموقف يرسل رسائل متعدّدة:
رسالة إلى الداخل الإيراني تفيد بأن القيادة قادرة على المواجهة وأن التجارب الأخيرة عززت جاهزية البلد.
رسالة إلى إسرائيل وحلفائها مفادها أن أي تصعيد سيقابل برد وإمكانات دفاعية وهجومية تُحسب لِطهران.
رسالة إلى المجتمع الدولي والوسطاء بأن طهران قد تكون منفتحة على مفاوضات شرط ألا تُفرَض عليها شروط تعتبرها «تعجيزية» — وما لم تُغيّر واشنطن أو الوسطاء من شروطهم فإن خيار «عدم التفاوض المباشر» سيظل قائماً.
ما الذي يعنيه ذلك على الأرض؟
الخطاب الإيراني يُبقي احتمالات التصعيد والتهدئة مفتوحة معاً. فالتأكيد على قدرات الصواريخ والخبرة «القتالية» قد يزيد من مستوى التوتر في المنطقة، خاصة إذا تُرجم إلى تحرّكات عسكرية أو استعراضات قوة. في المقابل، إبقاء هامش للمفاوضة «العادلة» يتيح قنوات دبلوماسية محتملة ما دامت الوسائط والتسويات تراعي مصالح طهران الأساسية.
تصريحات وزير الخارجية الإيراني أمام «الجزيرة» تعكس استراتيجية مزدوجة: تكثيف خطاب الردع والجاهزية العسكرية، مع ترك نافذة ضيقة للمسار الدبلوماسي إذا توافرت شروط يصفها النظام بـ«العادلة». هذا التوليف يجعل المشهد الإقليمي هشاً؛ إذ تؤثر الرسائل المتبادلة بين طهران وتل أبيب، وباطنها التحالفات العالمية، في مسارات التوتر التي قد تتصاعد أو تُدار عبر قنوات تفاوضية مشروطة.


