كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
هولندا – العرب نيوز
يترقب المجتمع الدولي خلال الساعات المقبلة صدور حكم بالغ الأهمية من محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيحسم الجدل القانوني الدائر منذ سنوات حول قانونية الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، والذي تصفه الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية كبرى بأنه “عقاب جماعي” يخالف أحكام القانون الدولي الإنساني.
وتأتي الجلسة المنتظرة بعد أن رفعت جنوب إفريقيا وعدة دول عربية مذكرات تطالب فيها المحكمة بإعلان أن الحصار البحري والبري والجوي المفروض على غزة منذ عام 2007 يشكّل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف الرابعة، ويمثل أحد مظاهر سياسة الفصل والعقاب الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين.
ضغوط قانونية ودبلوماسية متزايدة
وتشير مصادر دبلوماسية في لاهاي إلى أن المداولات داخل المحكمة استمرت على مدى أشهر، وشهدت تبادل مرافعات مطوّل بين ممثلي إسرائيل والدول المدعية، وسط ضغوط مكثفة من منظمات دولية لإنهاء الحصار الذي تسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة في القطاع.
فقد قدّمت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وثائق تؤكد أن القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع، ومنع دخول الوقود والمواد الأساسية، أدى إلى انهيار قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والبنية التحتية. كما أشارت إلى أن نحو مليوني فلسطيني يعيشون في ظروف توصف بأنها “غير إنسانية”، ما يجعل الحصار بمثابة عقوبة جماعية محظورة دوليًا.
مرافعة إسرائيل وموقف الدفاع
من جانبها، دافعت إسرائيل خلال جلساتها أمام المحكمة عن موقفها بالقول إن الحصار إجراء أمني مشروع لحماية مواطنيها من الهجمات الصاروخية من غزة، معتبرة أنه يتماشى مع قواعد القانون الدولي المتعلقة بالنزاعات المسلحة.
لكن مراقبين قانونيين أكدوا أن الدفاع الإسرائيلي واجه انتقادات حادة من القضاة الذين طرحوا تساؤلات حول مدى تناسب الإجراءات مع التهديدات الأمنية المزعومة، ومدى التزام تل أبيب بضمان الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية لسكان القطاع.
تداعيات سياسية متوقعة
ويرى خبراء القانون الدولي أن صدور حكم من المحكمة لصالح المطالبين بإنهاء الحصار قد يشكل سابقة تاريخية يمكن أن تُستخدم لاحقًا في ملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الجنائية، وقد يدفع مجلس الأمن إلى إصدار قرار ملزم برفع القيود المفروضة على القطاع.
وفي المقابل، تتخوف بعض العواصم الغربية من أن يؤدي الحكم – حال إدانة إسرائيل – إلى توتر دبلوماسي حاد ويضع دولًا كأمريكا وبريطانيا في موقف محرج إذا استمرتا في دعم تل أبيب سياسيًا وعسكريًا.
ترقب شعبي ورسمي في غزة
في قطاع غزة، يسود جو من الترقب والأمل بين السكان الذين يرون في هذا الحكم فرصة تاريخية لرفع الظلم الواقع عليهم منذ أكثر من 18 عامًا. وأكدت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية أن مجرد نظر المحكمة في القضية يُعد انتصارًا قانونيًا وإنسانيًا، داعية المجتمع الدولي إلى تنفيذ أي قرار يصدر ضد إسرائيل وعدم الاكتفاء بالإدانة اللفظية.
ومن المقرر أن تعلن المحكمة قرارها النهائي خلال جلسة علنية في مقرها في لاهاي، وسط اهتمام واسع من وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الدولية، التي ترى أن ما سيصدر عنها سيكون اختبارًا حقيقيًا لمصداقية النظام القانوني الدولي وقدرته على إنصاف الشعوب الواقعة تحت الاحتلال.


