كتب : محمود حنيش
السجن 27 عاماً لبولسونارو بعد إدانته بمحاولة انقلاب… والبرازيل ترفض ضغوط واشنطن
في حكم تاريخي غير مسبوق، قضت المحكمة العليا في البرازيل، الخميس، بسجن الرئيس السابق جايير بولسونارو لمدة 27 عاماً وثلاثة أشهر بعد إدانته بالتخطيط لانقلاب عسكري ومحاولة تقويض النظام الديمقراطي.
الحكم، الذي صدر بأغلبية أربعة قضاة مقابل اعتراض قاضٍ واحد، شمل خمس تهم أبرزها محاولة الانقلاب، استخدام العنف لإلغاء نتائج الانتخابات، والانتماء إلى منظمة إجرامية. وأكدت القاضية كارمن لوسيا، التي كان صوتها حاسماً في الإدانة، أن الأدلة أثبتت تورط بولسونارو وكبار الضباط في وضع مخطط منظم للاعتداء على المؤسسات ومنع انتقال السلطة إلى الرئيس المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا عام 2022.
الحيثيات كشفت أن الرئيس السابق حاول استمالة قادة الجيش وخطط لاغتيال مسؤولين بارزين بهدف تعطيل العملية الديمقراطية، في حين أعلن فريق الدفاع نيته التقدم بطلب لتخفيف العقوبة.
غضب أميركي ورد برازيلي
القرار فجّر أزمة دبلوماسية جديدة بين برازيليا وواشنطن؛ إذ وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحكم بأنه «مهزلة»، بينما اعتبر وزير خارجيته ماركو روبيو أن ما جرى «اضطهاد سياسي»، ملوحاً بمزيد من العقوبات الاقتصادية. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت بالفعل رسوماً جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على المنتجات البرازيلية، ومنعت قضاة المحكمة العليا من دخول أراضيها.
في المقابل، ردّت الحكومة البرازيلية عبر وزارة الخارجية مؤكدة أن «التهديدات الأميركية لن ترهب الديمقراطية»، وأن البلاد ستدافع عن سيادتها في مواجهة أي تدخل خارجي.
انقسام داخلي ومستقبل غامض
على الصعيد الداخلي، انقسمت الآراء بين مؤيدين رأوا في الحكم خطوة تاريخية لحماية الديمقراطية، ومعارضين وصفوه بأنه استهداف سياسي لزعيم اليمين المتطرف. وقد بدأ أنصار بولسونارو داخل البرلمان حملة للمطالبة بعفو رئاسي، وسط تساؤلات عن مستقبل التيار اليميني بعد أن حُرم قائده من الترشح حتى عام 2030.
ويرى مراقبون أن الحكم يمثل ضربة قوية لبولسونارو لكنه لا ينهي نفوذه تماماً، إذ يظل شخصية محورية لتياره الذي يسعى لاختيار مرشح بديل لمواجهة الرئيس لولا في الانتخابات المقبلة.
انعكاسات إقليمية
إقليمياً، تتابع عواصم أميركا اللاتينية التطورات بقلق، وسط مخاوف من أن تؤدي الضغوط الأميركية والتوتر مع برازيليا إلى زعزعة استقرار المنطقة، خصوصاً مع تزايد الحضور العسكري الأميركي في الكاريبي وتصاعد المواجهة مع فنزويلا.
ويرى محللون أن البرازيل تقف اليوم أمام محطة مفصلية في تاريخها الديمقراطي، بين تعزيز حكم القانون ومواجهة محاولات اليمين المتطرف لاستعادة نفوذه، في وقت تتصاعد فيه التحديات الخارجية والداخلية على حد سواء.


