كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
الرئيس الكولومبي يدعو لمتطوعين للقتال من أجل فلسطين
كولومبيا – العرب نيوز اللندنية
أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، خلال حضوره فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عزمه على فتح باب تسجيل المتطوعين الكولومبيين الراغبين في الالتحاق بالقتال من أجل “تحرير فلسطين”، مؤكداً في كلمة أمام حشد مؤيدين استعداده للمشاركة شخصياً إذا لزم الأمر. وتضمنت تصريحات بيترو دعوةً أوسع لتشكيل قوة دولية تُناهض ما وصفه بـ«الظلم»، في انتقادٍ حاد للسياسات الإسرائيلية والأميركية تجاه غزة.
أثارت هذه التصريحات ردود فعل سريعة على الصعيد الدولي، وتسببت بتصعيد دبلوماسي بين بوغوتا وواشنطن؛ إذ أعلنت وزارة الخارجية الأميركية قراراتٍ عقابية أولية، من بينها نية إدارة الولايات المتحدة إلغاء تأشيرة دخول الرئيس بيترو، معللةً قرارها بأن مواقفه وتصرفاته في نيويورك «تجاوزت حدود الدبلوماسية وخاطبت عناصر عسكرية بشكلٍ تحريضي». ووصف البيترو قرار الإلغاء بأنه «إجراء انتقائي وغير مقبول».
من جانب آخر، حذّر خبراء دوليون من خطورة دعوات إرسال متطوعين مقاتلين إلى مناطق نزاع نشطة، مشيرين إلى أنها قد تُعرّض المتطوعين للملاحقة القانونية، وتفتح ثغرات أمام تجنيد شبكات مسلحة غير رسمية، إضافةً إلى احتمال تصعيد المواجهة القائمة في غزة وتحويل النزاع إلى ساحة دولية أشمل. وشدّد محللون على أن أي مشاركة مقاتِلة من مواطنين أجانب قد تُخضعهم لقوانين مكافحة الإرهاب والهجرة في دول عديدة.
في المشهد الداخلي الكولومبي، استفزت تصريحات بيترو قطاعات سياسية داخل البلاد؛ إذ انقسم المشهد بين مؤيّد يرى في خطوة الرئيس موقفًا إنسانيًا ومبدئيًا مؤيدًا للشعب الفلسطيني، ومعارضين ينتقدون ما وصفوه بـ”مغامرة دبلوماسية” قد تضر بالعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع شركاء إقليميين ودوليين. كما عبّرت أحزاب يسارية عن دعمها لمواقف بيترو، فيما دعت أحزاب أخرى إلى ضبط النبرة وتفضيل القنوات الدبلوماسية التقليدية.
من منظور قانوني ودبلوماسي، ثمة اعتبارات عملية تبرز أمام الحكومة الكولومبية: أولا، قدرة الدولة على تنظيم وإدارة تدفق متطوعين للخارج بصورة شرعية وآمنة — وهو ما يواجه قيودًا قانونية داخلية ودولية. ثانياً، العلاقة مع الولايات المتحدة التي قد تتخذ إجراءات اقتصادية أو دبلوماسية إضافية في حال تواصلت الخطوات التحريضية، وهو ما قد يؤثر على تعاون ثنائي في مجالات متعددة مثل مكافحة المخدرات والتبادل الأمني. ثالثًا، تداعيات أمنية إقليمية قد تنعكس على دول الجوار أو على المواطنين الكولومبيين المتواجدين في الخارج.
المنظمات الدولية ودول عدة أبدت قلقها من أي دعوات لتشكيل قوّات متطوعين مقاتلة؛ إذ أكدت الأمم المتحدة أن الحلول العسكرية لا تُعالج جذور الأزمة، ودعت إلى خفض التصعيد وتكثيف الجهود الإنسانية والدبلوماسية لوقف العنف. وفي المقابل، رحّب ناشطون ومهاجرون فلسطينيون ومؤيدون لحق المقاومة في بعض الدول بكلام بيترو معتبرينه «تصريحًا شجاعًا» يعكس ضميرًا دوليًا.
ختامًا، تبدو الأزمة الدبلوماسية بين بوغوتا وواشنطن نافذة على تحولات أوسع في السياسة الخارجية الكولومبية تحت قيادة بيترو، الذي يواصل مواقف تصبّ في خانة التضامن مع الفلسطينيين، حتى لو كلف ذلك توترات مع حلفاء تقليديين. وتساؤلات مفتوحة حول إمكانية تحول خطاب الندوات والمظاهرات في نيويورك إلى خطوات عملية قد تغير من ديناميكيات الدعم الدولي أو تُدخل البلد في متاهات دبلوماسية وأمنية جديدة.


