كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في تطور جديد يعكس استمرار الغموض في ملف الرهائن بين إسرائيل وحركة حماس، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الرفات التي تسلمها، يوم الجمعة، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر من قطاع غزة، لا تعود لأي من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي، أن عملية استلام الرفات جرت بإشراف فريق طبي متخصص، تم نقله فورًا إلى معهد الطب العدلي في تل أبيب لإجراء الفحوصات اللازمة. وأكد أن نتائج التحاليل الأولية أظهرت أن الرفات الثلاثة التي نُقلت لا تخص أيًّا من الرهائن المدرجين في قوائم الأسرى أو المفقودين الذين لا يزال مصيرهم مجهولًا داخل غزة.
وأشار المسؤول العسكري إلى أن إسرائيل أبلغت الجهات الوسيطة، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بنتائج الفحص، معتبرًا أن تسليم الرفات في هذا التوقيت “يثير تساؤلات حول دقة المعلومات التي تقدمها حركة حماس ومدى التزامها ببنود الاتفاق الإنساني الأخير”.
وجاء تسليم الرفات ضمن اتفاق إنساني هش تم التوصل إليه مؤخرًا بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية، يتضمن تبادل جثامين وعدد من الأسرى، إلى جانب هدنة محدودة تهدف إلى تمكين الجهود الإنسانية في القطاع المحاصر. إلا أن الخطوة الأخيرة، وفق مراقبين، قد تُلقي بظلالها على مسار التفاهمات بين الجانبين وتزيد من الشكوك الإسرائيلية بشأن مصداقية الطرف الآخر في تطبيق ما تم الاتفاق عليه.
مصادر إسرائيلية مطلعة ذكرت أن عملية فحص الرفات استغرقت ساعات طويلة، شارك فيها فريق من الطب الشرعي وخبراء الحمض النووي، قبل أن تُرفع النتائج مباشرة إلى القيادة العسكرية والحكومة. وأضافت أن الجهات الأمنية تدرس احتمالية أن تكون الرفات لأشخاص فلسطينيين أو لضحايا مدنيين سقطوا في المواجهات، وليس للرهائن الإسرائيليين كما أعلنت حماس.
في المقابل، لم تصدر حماس حتى الآن تعليقًا رسميًا على بيان الجيش الإسرائيلي، بينما نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين في تل أبيب قولهم إنهم “لن يسمحوا لأي طرف بمحاولة الالتفاف على اتفاق تبادل الرفات والرهائن لتحقيق مكاسب إعلامية أو سياسية”.
ويرى محللون أن هذا التطور قد يضع مزيدًا من العراقيل أمام مساعي تثبيت وقف إطلاق النار المؤقت الذي تم التوصل إليه قبل أيام، خاصة في ظل تزايد الضغوط الداخلية في إسرائيل من عائلات الرهائن الذين يطالبون الحكومة بتكثيف الجهود لاستعادة ذويهم أحياءً أو أمواتًا.
يُذكر أن عدد الرهائن الذين ما زالوا داخل قطاع غزة يُقدَّر بنحو 136 شخصًا وفق الإحصاءات الإسرائيلية، بينهم مدنيون وجنود، في حين تؤكد حماس أن العديد منهم قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على القطاع. وتُعد مسألة استعادة الجثامين والمفقودين من أكثر الملفات حساسية بين الجانبين منذ اندلاع الحرب.
وبينما تتواصل الجهود الدولية لتثبيت الهدنة وتوسيع نطاقها، يبقى مصير الرهائن، سواء الأحياء أو القتلى، أحد أبرز مفاتيح الحل وأعقد نقاط الخلاف في الصراع المستمر منذ أكثر من عام، وسط مؤشرات على أن جولة جديدة من المفاوضات قد تبدأ خلال الأيام المقبلة برعاية مصرية – قطرية لمحاولة إعادة الزخم إلى مسار الوساطات المتعثرة.


