كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرة جديدة تحت مسمى «مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي للحكومة» في إطار جهودها لتسريع التحول الرقمي وتعزيز قدراتها على تقديم خدمات عامة ذكية. تأتي المبادرة ضمن الرؤية الوطنية الشاملة لتطبيق تقنيات الجيل الرابع والذكاء الاصطناعي في الإدارة الحكومية، ومن أبرز الأهداف على صعيدها تحسين الأداء الحكومي، تعزيز الابتكار، وتقديم خدمة أفضل للمواطنين والمقيمين.
بحسب بيانات نشرها الجهاز الاتحادي المعني، فقد تمّ تصميم المؤشر ليقيّم مدى جاهزية الجهات الحكومية لاستخدام الذكاء الاصطناعي عبر عدة محاور رئيسية تشمل البنية التحتية الرقمية، البيانات المتاحة، الحوكمة المناسبة، وتوفر الكفاءات البشرية المتخصصة. ويُعد هذا المؤشر بمثابة خارطة طريق للإدارات التي تسعى إلى دمج الذكاء الاصطناعي ضمن عملياتها اليومية، وهو يسعى أيضاً لتمكين الجهات من تحديد الفجوات ووضع خطط تصحيحية واضحة للتقدم في هذا المجال.
وقد أعطت الإمارات أولوية قصوى لهذا الأمر، إذ أنها تحتل مركزاً متقدماً في التصنيفات العالمية لجهوزية الحكومات لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس التزام قيادتها بأن تكون من الدول الرائدة عالمياً في هذا المجال. على سبيل المثال، أظهرت تصنيفات صدرت عن جهات مستقلة أن الإمارات جاءت في صدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث جاهزية الحكومة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة.
ومن بين الخطوات التنفيذية التي تم الإعلان عنها بـ الموازاة مع إطلاق المؤشر: حزمة من ورش العمل والدورات التدريبية للمسؤولين الحكوميين حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى منصة إلكترونية مخصصة لقياس مستوى الأداء الحكومي في الذكاء الاصطناعي وتبادل أفضل الممارسات. كما تم تحديد جدولة زمنية لجهوزية الأجهزة الحكومية بحسب فئات محدّدة – من الجهات الوطنية الاتحادية وصولاً إلى المحليات – لتطبيق مؤشرات الجاهزية ومتابعة التقدم بصورة دورية.
وتأتي هذه المبادرة ضمن مجموعة من الخطوات التي تُشير إلى أن الحكومة الإماراتية لا تكتفي بتبنّي أدوات التكنولوجيا فحسب، بل تسعى إلى تأسيس منهج عمل مستدام يرتبط بالذكاء الاصطناعي كجزء أساسي من منظومتها التشغيلية والخدمية. وهذا بدوره يُعدّ جزءاً من استراتيجية أوسع تسمى «الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031» والتي تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي.
ورغم الأفق الواعد، تحفظ بعض الملاحظات على أن التطبيق الفعلي للمؤشر يتطلب تجاوباً واسعاً من الجهات الحكومية وتنسيقاً بين القطاعات – سواء من حيث توفر البيانات، أو استمرارية التدريب، أو إدارة التغيير التنظيمي. لكن من الوجهة الرسمية، فالحكومة تؤكّد أن هذا المؤشر سيكون محركاً أساسياً لتعزيز الأداء الحكومي الذكي وتقليص البيروقراطية وتعزيز رضا المستفيدين.
في المجمل، يعكس إطلاق «مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي للحكومة» خطوة مهمة في مسار التحول الرقمي لدولة الإمارات، ويضع معياراً واضحاً لقياس التقدم ومراقبة الأداء، ما يعزز من قدرة الدولة على تقديم خدمات حكومية تواكب تحولات العصر الرقمي.


