كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
الإمارات | العرب نيوز
في خطوة تؤكد ريادتها التكنولوجية، كشفت دراسة حديثة صادرة عن شركة KPMG بالتعاون مع جامعة ملبورن الأسترالية، أن 97% من سكان دولة الإمارات يستخدمون تطبيقات أو أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية، سواء في العمل أو التعليم أو الخدمات الحكومية أو حتى التسوق الإلكتروني، ما يجعل الإمارات في طليعة الدول الأكثر انفتاحًا على التحول الرقمي في العالم.
ووفقًا للتقرير، فإن النسبة تمثل أعلى معدل عالمي لاستخدام الذكاء الاصطناعي، متقدمة على دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وكوريا الجنوبية. وأشار الباحثون إلى أن هذا الانتشار الواسع يعكس “نجاح الرؤية الوطنية للذكاء الاصطناعي” التي أطلقتها الحكومة الإماراتية قبل أعوام، وهدفت إلى جعل الإمارات من بين الدول الرائدة عالميًا في مجال التقنية والابتكار بحلول عام 2031.
ثقة كبيرة في التكنولوجيا
وأظهرت الدراسة أن نحو 89% من سكان الإمارات ينظرون بإيجابية إلى الذكاء الاصطناعي، معتبرين أنه عنصر أساسي في تحسين جودة الحياة وتبسيط الخدمات اليومية. كما يرى أكثر من ثلثي المشاركين أن الأطر القانونية والتنظيمية الحالية في الدولة كافية لضمان استخدام آمن وفعّال لهذه التقنيات، في حين طالب آخرون بتشريعات إضافية لتنظيم المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي وتحديد المسؤوليات القانونية المرتبطة به.
استخدامات متنامية في جميع القطاعات
لم يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي في الإمارات على مجالات محددة، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من النشاط اليومي للمجتمع.
في قطاع التعليم، باتت المدارس والجامعات تعتمد على أنظمة تحليل أداء الطلاب وتخصيص المحتوى التعليمي بحسب قدراتهم الفردية.
أما في القطاع الصحي، فقد ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تسريع التشخيص الطبي، وإدارة السجلات الرقمية للمرضى، وتحسين دقة العمليات الجراحية.
وفي الخدمات الحكومية، أصبحت تطبيقات مثل “تم” و“دبي الآن” نموذجًا عالميًا في توفير خدمات ذكية للمواطنين والمقيمين دون الحاجة إلى مراجعة المكاتب التقليدية.
تحديات ووعي مجتمعي
ورغم هذا التقدم، عبّر حوالي 73% من المشاركين عن قلقهم من انتشار المحتوى المزيّف الناتج عن الذكاء الاصطناعي، بينما قال 36% فقط إنهم واثقون من قدرتهم على التمييز بين المحتوى الحقيقي والمصطنع. وتشير هذه الأرقام إلى وعي متزايد بأهمية التعليم الرقمي والتدقيق في المعلومات، وهو ما تعمل الحكومة على معالجته من خلال مبادرات وطنية لتعزيز الثقافة التقنية.
رؤية مستقبلية واضحة
وأكد خبراء التقنية أن الإمارات تمثل اليوم “مختبرًا عالميًا للذكاء الاصطناعي”، بفضل استثماراتها الكبيرة في هذا القطاع ودعمها للشركات الناشئة والمشروعات البحثية. كما أشار التقرير إلى أن الطلب على الوظائف المتخصصة في الذكاء الاصطناعي ارتفع بنسبة 45% خلال العام الماضي فقط، وهو ما يعكس التحول الكبير في سوق العمل الإماراتي نحو الاقتصاد القائم على المعرفة.
وبينما تمضي الدولة بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، يرى المراقبون أن التجربة الإماراتية قد تتحول خلال السنوات المقبلة إلى نموذج يُحتذى به إقليميًا ودوليًا في كيفية إدارة التحول الرقمي المتكامل، القائم على التوازن بين الابتكار والمسؤولية المجتمعية.


