كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
في أول اختراق فعلي للحصار الذي طال أحياء واسعة، رافقت قافلة إنسانية تابعة لـ منظمة الأمم المتحدة للطفولة – اليونيسف طريقها صوب مناطق متروكة في ولاية جنوب كردفان السودانية، حاملة إمدادات غذائية ومائية حيوية بعد أكثر من تسعة أشهر من العزلة.
الثغرة التي سمحت بالدخول شقت طريقها نحو بلدة دلّينق أولاً، ثم إلى عاصمة الولاية كادُغلي، حيث يُعاني السكان تحت حصار متواصل من نقص حاد في الغذاء، الأدوية، والمياه الصالحة للشرب.
لفتت المنظمة الانتباه إلى أن ما يزيد على 120 000 شخص سيستفيدون مباشرة من هذه المساعدات، من بينهم أكثر من 63 000 طفل يعانون من سوء تغذية حاد، يتضمن أكثر من 10 000 حالة من «سوء التغذية الحادّ الشديد».
وقد ضمت القافلة نحو 6 300 عبوة من «الغذاء العلاجي الجاهز للاستخدام»، ما يُكفي بحسب التقديرات لتغطية حاجة المناطق المستهدفة لأكثر من ستة أشهر، إضافة إلى معدات ضخّ المياه، مولدات كهربائية، وإمدادات لتعقيم المياه ومرافق الصرف الصحي، إلى جانب مستلزمات طبية وتعليميّة.
لكن رغم هذا التقدم، حذّـر ممثّلو اليونيسف بأن القافلة الواحدة لا تكفي، فالأمر يتطلّب «وصولاً إنسانياً مستداماً وآمناً وغير مشروط» لضمان بقاء الأطفال على قيد الحياة وإبقاء المدارس والمستوصفات مفتوحة.
تأتي هذه العملية في ظروف استثنائية: فالطرق المؤدية إلى دلّينق وكادُغلي كانت مغلقة أو مقطوعة بسبب القتال المستمر بين قوات الحكومة السودانية وفصائل مسلحة، ما جعل المجتمعات تحت «حصار فعلي»، بحسب وصف المنظمات الإنسانية.
من هنا، يبدو أن هذا التدخُّل يُعدّ لحظة فارقة، لكنها في الوقت ذاته تطرح سؤالاً كبيراً حول مدى الاستمرارية، وإمكانية الوصول إلى المناطق الأكثر تضرّراً. إذ أن المسار لم يكن محكوماً بالكامل، والتحديات الأمنية واللوجستية ما زالت قائمة.
وفيما يحتفي بعض الأهالي بوصول القافلة، سيكون الاختبار الحقيقي في الأيام والأسابيع المقبلة: هل ستتمكّن المنظمات الدولية من تكرار الوصول، وهل ستشهد المناطق المحتاجة تدفّقاً منتظماً من المساعدات أم سيعود الحصار ليخنق آمال الأهالي من جديد؟


