كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
استُلم اليوم رئيس إقليم فالنسيا الإسباني كارلوس مازون استقالته رسمياً، بعد عام كامل من أسوأ فيضانات شهدتها المنطقة، والتي وقعت يوم 29 أكتوبر 2024 وأودت بحياة ما لا يقلّ عن 229 شخصاً.
جاء الإعلان عقب ضغط شعبي وسياسي هائل، إذ خرجت تظاهرات حاشدة في العاصمة الإقليمية تطالب بإقالة مازون وتحميله مسؤولية فشل إدارة الأزمة، خاصة بعد أن تأخر إرسال تنبيه طارئ للمواطنين حتى بعد بدء الفيضانات.
وبينما لم يوضح مازون حتى الآن ما إذا كان سيغادر مقعده في البرلمان الإقليمي، فإن الإعلان عن استقالته فتح الباب أمام تساؤلات حول خلفه وكيفية إدارة لجنة الطوارئ والإنقاذ في المنطقة المضطربة.
في تلك الليلة التاريخية من 29 أكتوبر 2024، هطلت أمطار غزيرة دفعت أودية دانا في إقليم فالنسيا إلى تجاوز مجاريها، ما أدى إلى انتشار الفيضانات في عدة مدن وبلدات، ونتج عنه خسائر بشرية ومادية هائلة—وهو ما اعتبره معلقون «كارثة طبيعية تتحوّل إلى مأساة بشرية بفعل التأخّرات وتقاعس الجهات المعنيّة».
وأظهرت التحقيقات أن جرس الإنذار للهاتف المحمول تمّ إرساله بعد دخول المياه إلى بعض المنازل، ما فاقم الغضب من تأخر الاستجابة، وجرى الحديث عن تاجرغيب القيادات وغياب التنسيق بين أجهزة الطوارئ.
في الأشهر التي تلت الحادث، خرج سكان المنطقة إلى الشوارع مراراً، وطالبوا باستقالة مازون، إذ أظهر استطلاع حديث أن نحو 75٪ من سكان الإقليم يرون أنه يجب أن يرحل.
وقع الاستقالة وما بعده
استقالة مازون تُعدّ نقطة تحوّل سياسية كبيرة في إقليم فالنسيا، إذ تُعدّ أول مرة يترك فيها رئيس الإقليم مهامه نتيجة أزمة طبيعية بهذا الحجم منذ عقود. وتبقى مهمّة التعافي والبُنى التحتية والإنقاذ مفتوحة على مصراعيها، في وقت لا تزال فيه العديد من المنازل مهدّدة وتحتاج إلى إصلاحات جذرية.
المسؤولون الآن أمام خيارين: إما تسريع إصلاح البنى التحتية وإعادة بناء الثقة لدى الجمهور، أو مواجهة تحدٍ أكبر يتمثل في فقدان شرعية السلطة المحلية أمام السكان الذين ما زالوا يشعرون بأن الحكومات لم تفعل ما يكفي. ومن المرجّح أن تفتح هذه الأزمة الباب أمام انتخابات إقليمية مبكرة أو تغييرات هيكلية في إدارة الطوارئ.
استقالة كارلوس مازون تُعدّ اعترافاً ضمنياً بأن الكارثة لم تكن مجرد ظاهرة طبيعية محضة، بل احتاجت إلى استجابة أسرع وأكثر فعالية. ولعلّ أهم درس يُستخلص من هذه الواقعة أن الإدارة الجيدة للأزمات الطبيعية هي التي تقي حياة البشر قبل أن تداوي ما بعد الكارثة.


