كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
كشفت مجلة إيكونوميست البريطانية في تقرير موسّع عن تحول جذري في موازين القوة داخل الحرب التجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة، مؤكدة أن بكين باتت تتعامل بذكاء ومرونة في مواجهة السياسات الاقتصادية الأميركية، ما جعلها — بحسب المجلة — “الفائز الهادئ” في هذه المعركة الطويلة التي دخلت عامها السابع.
وأوضحت المجلة أن الصين، التي كانت تُتهم في بداية النزاع التجاري بالاعتماد على نهج دفاعي، أصبحت الآن أكثر جرأة في استخدام أدواتها الاقتصادية والسياسية للرد على العقوبات الأميركية. فقد طورت — بحسب التقرير — قدرة مدهشة على “التصعيد المدروس”، بحيث ترد على كل خطوة أميركية بخطوة محسوبة لا تُضعف اقتصادها المحلي لكنها تُربك واشنطن في الوقت ذاته.
وأشار التقرير إلى أن الصين استفادت من دروس المواجهات السابقة مع الإدارات الأميركية المختلفة، بدءًا من عهد دونالد ترامب ووصولًا إلى جو بايدن، لتبني ما وصفته المجلة بـ“استراتيجية الصبر الاقتصادي”، القائمة على دعم سلاسل التوريد المحلية وتنويع الأسواق الخارجية وتقليص الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية.
كما أشار التقرير إلى أن بكين ضخت استثمارات ضخمة في مجالات الطاقة النظيفة والتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، وهو ما منحها استقلالية متزايدة عن النفوذ الغربي في قطاعات التكنولوجيا الحساسة.
وفي المقابل، تواجه الولايات المتحدة — وفق إيكونوميست — ضغوطًا داخلية بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع أسعار السلع نتيجة القيود الجمركية المتبادلة، وهو ما دفع بعض الشركات الأميركية إلى نقل مصانعها إلى دول جنوب شرق آسيا لتجنب الرسوم المرتفعة على البضائع الصينية.
ولفت التقرير إلى أن بكين نجحت أيضًا في توسيع نطاق تحالفاتها التجارية، حيث عززت علاقاتها مع روسيا ودول البريكس وأفريقيا وأميركا اللاتينية، لتخلق نظامًا اقتصاديًا موازيًا يحد من التأثير الأميركي على الاقتصاد العالمي.
وأكدت المجلة أن الصين اليوم “لم تعد تلك الدولة التي تتجنب الصدام”، بل أصبحت تمتلك خبرة في إدارة الأزمات التجارية بواقعية وذكاء، معتمدة على مبدأ “الرد بالمثل الذكي” بدلاً من المواجهة المباشرة التي قد تضر باقتصادها.
واختتمت إيكونوميست تقريرها بالتأكيد على أن الحرب التجارية بين البلدين لا تزال مفتوحة، لكنها تسير — حتى الآن — في اتجاه يصب في مصلحة الصين، التي أثبتت أنها قادرة على تحويل الضغوط إلى فرص، لتخرج من هذه المواجهة أكثر قوة وثقة في موقعها كقوة اقتصادية عالمية منافسة للولايات المتحدة.


