كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
تتصاعد التوترات في إسرائيل بشكل غير مسبوق بعد قرار الحكومة بإقصاء المستشارة العليا عن ملف المدعي العسكري، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وأدت إلى أزمة حقيقية داخل المنظومة القضائية، وسط تحذيرات من أن هذه الخطوة قد تمثل تهديداً لمبدأ استقلال القضاء الذي لطالما اعتُبر أحد الركائز الأساسية للدولة. القرار استهدف المستشارة جالي بهاراف‑ميارا، المدعية العامة التي تولّت ملفات حساسة تتعلق برئيس الحكومة، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من السلطة التنفيذية لإعادة تشكيل العلاقة بين الحكومة والقضاء بما يقلل من الرقابة القانونية على القرارات السياسية ويعيد التوازن لصالح المؤسسات التنفيذية.
المحكمة العليا تدخلت فور صدور القرار وأوقفت تنفيذه مؤقتاً، ما يعكس حجم التوترات التي أحدثها هذا القرار داخل الهيئات القضائية والدوائر القانونية، حيث ترى بعض الجهات القضائية أن إقصاء المستشارة أو الحد من صلاحياتها في ملف حساس يمثل تراجعاً كبيراً عن مبادئ العدالة ويخالف قواعد الفصل بين السلطات التي نصت عليها الدستور الإسرائيلي، فيما اعتبرت الحكومة أن القرار ضروري لتعزيز فعالية اتخاذ القرارات في القضايا العسكرية الحساسة، وهو ما دفع المراقبين إلى وصف الخطوة بأنها اختبار حقيقي لقدرة إسرائيل على الحفاظ على نظام رقابي متوازن يضمن استقلال القضاء ويمنع أي تداخل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
كما يسلط هذا القرار الضوء على أزمة الثقة المتصاعدة بين المواطن والمؤسسات الرسمية، ففي الوقت الذي تدافع فيه الحكومة عن حقها في تعديل صلاحيات المسؤولين القضائيين لتعزيز الكفاءة، ترى المعارضة والمحللون القانونيون أن هذه الخطوة تشكل انقلاباً على المبادئ القانونية التي تضمن حماية حقوق المواطنين والمسؤولين على حد سواء، وأنها قد تؤدي إلى موجة احتجاجات شعبية واسعة إذا لم يتم التراجع عنها أو إيجاد حلول توافقية تضمن استقلالية القضاء. ويشير الخبراء إلى أن الأزمة تتزامن مع فترة دقيقة تمر بها إسرائيل على المستوى الأمني والسياسي، وهو ما يزيد من احتمالية تفاقم التوترات داخلياً ويضع ضغوطاً إضافية على النظام القضائي، الذي قد يواجه صعوبة في أداء مهامه بشكل طبيعي وسط محاولات الحكومة للسيطرة على ملفات حساسة.
توقعات المتابعين تشير إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد مزيداً من الدعوات القانونية والطعون أمام المحاكم، بالإضافة إلى احتجاجات شعبية ومطالبات برفع الحصانة عن بعض القرارات الحكومية، في حين أن وزارة العدل والجهات القضائية قد تتخذ مواقف صارمة لحماية مبدأ استقلال القضاء، ما قد يؤدي إلى مواجهة مفتوحة بين الحكومة والمحاكم ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والقانوني في إسرائيل، ويجعل أي حل للأزمة مرهوناً بتوازن دقيق بين السلط والضغوط الشعبية والقضائية، وهو ما يعكس عمق الأزمة التي تمر بها المنظومة القضائية ويعيد إلى الأذهان المخاطر التي يمكن أن تنتج عن أي تدخل مباشر للسلطة التنفيذية في شؤون القضاء.


