كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
الولايات المتحدة – العرب نيوز
في خطوة تُعد من أكثر التحركات التقنية إثارة في عام 2025، أعلنت شركة “ميتا” المالكة لتطبيق “فيسبوك” عن مشروع جديد يهدف إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مباشرة داخل كاميرات الهواتف الذكية، مما يمهّد لعصر جديد من التفاعل بين المستخدمين والتكنولوجيا، ويغيّر شكل التجارب البصرية والتصويرية على نحو غير مسبوق.
وأوضحت الشركة في بيان رسمي أن الميزة الجديدة، التي يُتوقع إطلاقها على مراحل خلال الأشهر المقبلة، ستتيح للكاميرا تحليل المشهد في الوقت الفعلي، وتقديم اقتراحات فورية لتحسين الصورة، سواء من حيث الإضاءة أو زاوية الالتقاط أو جودة الألوان، بل وستتمكن من توليد عناصر إضافية في الصورة باستخدام تقنيات التوليد بالذكاء الاصطناعي (AI-Generated Content)، ما يمنح المستخدمين تجربة أكثر إبداعًا واحترافية دون الحاجة إلى تطبيقات خارجية.
ووفقًا لتصريحات متحدث باسم “ميتا”، فإن الهدف من إدماج هذه التقنية هو تحويل كاميرا الهاتف إلى أداة ذكية تتعلم أسلوب المصور بمرور الوقت، بحيث يمكنها التنبؤ بما يريد التقاطه وتقديم نتائج تلائم ذوقه الشخصي. وأضاف أن التقنية ستكون متاحة أولًا في تطبيق الكاميرا الخاص بفيسبوك وإنستغرام، على أن يتم توسيعها تدريجيًا لمستخدمي واتساب أيضًا.
كما كشفت الشركة أن هذا التطور يستند إلى نموذج ذكاء اصطناعي جديد يُعرف باسم Meta AI Vision، تم تدريبه على مليارات الصور ومقاطع الفيديو المأخوذة من بيئات مختلفة، وهو قادر على فهم العناصر البصرية والتفاعل معها بشكل فوري، مثل التعرّف على الأشخاص، وتحديد المواقع، واقتراح تأثيرات واقعية تُحاكي الكاميرات الاحترافية.
وتؤكد ميتا أن جميع البيانات التي يتم تحليلها عبر الكاميرا ستُعالج محليًا على الجهاز لضمان الخصوصية والأمان الكامل للمستخدمين، مشيرة إلى أن الصور لن تُرسل إلى خوادم الشركة إلا في حال موافقة المستخدم الصريحة.
ويرى خبراء التكنولوجيا أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في مفهوم التصوير بالهواتف الذكية، إذ تتيح للمستخدمين العاديين إنتاج صور احترافية بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي المدمجة، كما أنها تعزز من قدرة “فيسبوك” على منافسة شركات مثل “جوجل” و“آبل” اللتين تسعيان بدورهما إلى دمج تقنيات مشابهة في أنظمة أندرويد وiOS.
ويشير محللون إلى أن الخطوة الجديدة قد تُحدث تغييرًا كبيرًا في عالم المحتوى الرقمي وصناعة الصور والفيديوهات القصيرة، لا سيما مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مجالات الإعلانات والتواصل المرئي، ما يجعل “فيسبوك” تسعى لاستعادة الصدارة في سوق التطبيقات الاجتماعية بعد منافسة شديدة من “تيك توك” و“سناب شات”.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المستخدمون حول العالم تجربة هذه التقنية الجديدة، يرى البعض أن دمج الذكاء الاصطناعي في الكاميرا قد يثير تساؤلات أخلاقية تتعلق بالتلاعب بالصور والهوية الرقمية، لكن ميتا تؤكد أن هدفها ليس “تزييف الواقع”، بل “تحسين رؤية المستخدم للعالم من خلال عدسة أذكى وأكثر وعيًا”.
بهذه الخطوة الجريئة، يبدو أن “فيسبوك” يعيد تعريف الطريقة التي نلتقط بها اللحظات اليومية، في إشارة واضحة إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة خلف الشاشة، بل أصبح جزءًا من العدسة نفسها.


