كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
بغداد – العرب نيوز
شهدت قاعة المسرح الوطني في بغداد ليلة استثنائية ضمن فعاليات مهرجان بغداد الدولي للمسرح، حيث قدّم العرض التونسي “حديقة الهِسبرِيدِس” أداءً مدهشًا أثار تفاعل الجمهور والنقاد، لما حمله من طرح جريء لقضايا المرأة والحرية والهوية في المجتمعات العربية.
العرض الذي أخرجه المخرج التونسي الشاب سامي عبدالعزيز، وشارك في بطولته عدد من الممثلين الشباب من تونس، تناول بصورة رمزية رحلة النساء في مواجهة القيود الاجتماعية ومحاولتهن استعادة أصواتهن وسط عالم يسيطر عليه الذكور والسلطة والتقاليد.
رمزية الأسطورة وبصمة المرأة
استوحى العمل عنوانه من الأسطورة الإغريقية “حديقة الهِسبرِيدِس”، التي كانت رمزًا للخلود والجمال الممنوع، ليحوّلها المخرج إلى مساحة فكرية تطرح سؤالًا وجوديًا حول حرية المرأة وحدودها في المجتمعات الحديثة.
المشاهدون تابعوا العرض وسط أجواء مشحونة بالعاطفة والرمزية، حيث امتزجت الحركة المسرحية بالضوء والموسيقى، لتخلق لوحة فنية متكاملة عبّرت عن صراع المرأة بين الرغبة في التحرر والخوف من النبذ الاجتماعي.
تفاعل نقدي وجماهيري
عقب العرض، شهدت قاعة المهرجان نقاشًا مفتوحًا بين النقاد والمخرج والجمهور حول فكرة العمل، ودلالاته السياسية والاجتماعية.
ورأى عدد من النقاد أن العرض “نجح في إعادة تعريف صورة المرأة على المسرح العربي”، بينما وصفه آخرون بأنه “مغامرة فنية تستحق التقدير” لجرأته في معالجة موضوعات حساسة دون مباشرة أو خطابية.
في المقابل، رأى بعض الحضور أن الرمزيات الكثيفة في العمل قد تُربك المتلقي العادي، لكنها في الوقت نفسه “تمنح المسرح مساحة من العمق والتأمل”، وهو ما يُحسب لصُنّاع العرض الذين اختاروا الابتعاد عن الطرح التقليدي.
مهرجان بغداد منصة للحوار
ويُعد عرض “حديقة الهِسبرِيدِس” أحد أبرز العروض العربية المشاركة في الدورة الحالية من مهرجان بغداد الدولي للمسرح، الذي يضم هذا العام أكثر من 20 عرضًا من 12 دولة عربية وأجنبية، تحت شعار “المسرح يجمعنا من أجل الحياة”.
وأكد مدير المهرجان أن هذا العمل التونسي “يعكس الروح الجديدة للمسرح العربي الذي يسعى لمناقشة القضايا الإنسانية الكبرى من منظور فني معاصر”.
“حديقة الهِسبرِيدِس” لم يكن مجرد عرض مسرحي عابر، بل تجربة فكرية وجمالية سلطت الضوء على قضايا المرأة العربية من زاوية إنسانية مؤثرة، لتترك بصمة قوية في ذاكرة مهرجان بغداد، وتؤكد أن المسرح ما زال قادرًا على طرح الأسئلة الصعبة وتحريك الوعي الجمعي.
عدد المشاهدات: 0


