كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
باريس …العرب نيوز
تدخل فرنسا مرحلة سياسية دقيقة مع اقتراب موعد التصويت على مشروع الموازنة العامة لعام 2026، في وقت تعاني فيه الحكومة من هشاشة برلمانية وانقسامات عميقة بين القوى السياسية، ما يجعل تمرير الموازنة اختبارًا حقيقيًا لقدرة رئيسة الوزراء على الصمود والاستمرار في إدارة المشهد الداخلي.
وتواجه الحكومة الفرنسية ضغوطًا متزايدة من المعارضة اليمينية واليسارية على حد سواء، إذ يعارض الطرفان الإجراءات المالية التي تتضمنها الموازنة الجديدة، وعلى رأسها خطة خفض الإنفاق العام وزيادة الضرائب على بعض القطاعات الخدمية والشركات الكبرى، في محاولة للحد من العجز المالي الذي تجاوز 5% من الناتج المحلي.
وقالت مصادر اقتصادية مطلعة في باريس إن وزارة المالية أعدت مشروع الموازنة وفق توجهات صارمة تتماشى مع التزامات فرنسا تجاه الاتحاد الأوروبي، خصوصًا في ما يتعلق بتقليص الديون التي بلغت مستويات غير مسبوقة بعد جائحة كورونا والأزمات الجيوسياسية الأخيرة.
وتسعى الحكومة من خلال الخطة الجديدة إلى توجيه الموارد نحو دعم الابتكار والتحول البيئي، مع زيادة مخصصات الطاقة المتجددة والمشروعات الصغيرة، في وقت تراجع فيه النمو الاقتصادي إلى أقل من 1% خلال النصف الأول من العام.
وفي ظل رفض المعارضة، قد تلجأ الحكومة مرة أخرى إلى المادة 49.3 من الدستور الفرنسي، التي تتيح تمرير القوانين دون تصويت مباشر من البرلمان، وهي خطوة سبق أن استخدمتها أكثر من عشر مرات خلال العام الماضي، ما أثار جدلًا سياسيًا واسعًا واحتجاجات في الشارع الفرنسي.
ويرى محللون أن التصويت على الموازنة يمثل اختبارًا مبكرًا لاستقرار الحكومة، في ظل مؤشرات على تصاعد الخلافات داخل التحالف الحاكم، واحتمالات استقالة بعض الوزراء في حال فشل تمرير القانون المالي.
ويعتقد مراقبون أن ما يجري اليوم في باريس يتجاوز مجرد مناقشة مالية، فهو صراع بين رؤيتين لمستقبل الدولة: رؤية إصلاحية تسعى لتقليص الإنفاق وتحديث الاقتصاد، وأخرى اجتماعية تطالب بزيادة الدعم للفئات المتضررة من ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
وفي حال فشل البرلمان في تمرير الموازنة، قد تجد فرنسا نفسها أمام أزمة سياسية جديدة قد تفتح الباب أمام تعديل وزاري واسع أو حتى انتخابات مبكرة، وهو سيناريو يثير قلق الأسواق ويضع الاقتصاد الفرنسي تحت ضغط متزايد في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في أوروبا.
عدد المشاهدات: 0


