كتب : صفاء مصطفى... العرب نيوز اللندنية
ياوندي – العرب نيوز
تعيش الكاميرون حالة من التوتر السياسي غير المسبوق بعد إعلان مرشح المعارضة فوزه في الانتخابات الرئاسية قبل صدور النتائج الرسمية، في وقت يلتزم فيه القصر الرئاسي والهيئة الوطنية للانتخابات الصمت، مما يزيد من حالة الغموض والاحتقان في الشارع.
وقال المرشح المعارض موريس كامتو، زعيم حزب “النهضة الكاميرونية”، في مؤتمر صحفي بالعاصمة ياوندي، إنه حقق “نصرًا واضحًا” في الانتخابات التي جرت مطلع الأسبوع الجاري، داعيًا السلطات إلى احترام إرادة الشعب والإعلان عن النتائج دون تأخير. وأكد أن حزبه يملك أدلة ووثائق تثبت تفوقه في معظم الدوائر، متهماً الحكومة بمحاولة “التلاعب بالنتائج وإطالة أمد الصمت الرسمي لتهيئة الرأي العام لنتائج مزورة”.
في المقابل، لم تصدر الحكومة الكاميرونية أي تعليق رسمي حتى الآن، بينما اكتفت اللجنة الوطنية للانتخابات بالقول إن عمليات الفرز مستمرة، وإن النتائج النهائية ستعلن في الموعد المحدد قانونيًا بعد استكمال مراجعة الأصوات. هذا الصمت الرسمي أثار تكهنات عديدة بشأن وجود انقسامات داخل النخبة الحاكمة، خاصة بعد تداول أنباء عن ضغوط دولية تطالب ياوندي بتوفير ضمانات للنزاهة والشفافية.
وتزامنت أجواء الانتخابات مع انتشار أمني مكثف في المدن الكبرى، وقطع مؤقت للإنترنت في بعض المناطق الناطقة بالإنجليزية، وسط مخاوف من اندلاع احتجاجات واسعة قد تعيد إلى الأذهان مشاهد العنف التي شهدتها البلاد في انتخابات 2018. وقد حذرت منظمات حقوقية من استخدام القوة ضد المتظاهرين، مطالبة السلطات باحترام الحق في التعبير السلمي.
من جانبها، دعت بعثة المراقبين التابعة للاتحاد الإفريقي جميع الأطراف إلى التحلي بالمسؤولية والهدوء، مؤكدة أن أي إعلان غير رسمي للنتائج قد يهدد السلم الأهلي ويقوض العملية الانتخابية برمتها. كما أبدت البعثة قلقها من “المؤشرات المتزايدة على انعدام الثقة بين المواطنين والمؤسسات الرسمية”.
ويخشى مراقبون من أن يؤدي تصاعد الخطاب السياسي الحاد إلى مواجهة مفتوحة بين أنصار المعارضة وقوات الأمن، خصوصًا في ظل تراجع الوضع الاقتصادي وتنامي الإحباط الشعبي من طول بقاء الرئيس بول بيا في الحكم، الذي يتولى السلطة منذ عام 1982.
ويرى محللون أن ما يجري في الكاميرون يعكس أزمة عميقة في النظام السياسي، حيث تتداخل المصالح العسكرية والأمنية مع البنية الحزبية، مما يجعل أي انتقال للسلطة أمرًا معقدًا ومشحونًا بالمخاطر. ومع غياب الشفافية والتأخير في إعلان النتائج، تبقى البلاد على “صفيح ساخن”، فيما يترقب المواطنون والمجتمع الدولي الخطوة المقبلة التي قد تحدد مستقبل الكاميرون السياسي لعقود قادمة.
عدد المشاهدات: 0


