كتب : يسرا عبدالعظيم
الرئيس اللبنانى : التفاوض مع العدو خيار لا مفرّ منه.. ولبنان ليس ملكاً لأحد
في موقف لافت يعكس مقاربة واقعية للمرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، أكّد الرئيس اللبناني جوزاف عون أن بلاده لا تملك سوى خيار التفاوض كوسيلة من أدوات السياسة والدولة، مشدداً على أن التفاوض في جوهره يُمارس مع الخصوم لا مع الحلفاء.
التفاوض.. “يكون مع العدو لا مع الصديق”
جاءت تصريحات عون خلال استقباله وفداً من عائلة “آل خليل”، حيث قال بوضوح:
“السياسة تعتمد على ثلاث أدوات: الدبلوماسية، الاقتصاد، والحرب، وعندما نلجأ إلى التفاوض، فهو لا يكون مع الأصدقاء أو الحلفاء، بل مع العدو”.
وأثارت هذه الكلمات اهتماماً واسعاً، لما تحمله من رسائل مزدوجة:
من جهة، تأكيد أن لبنان بحاجة إلى نهج براغماتي في التعامل مع التحديات الأمنية والسياسية.
ومن جهة أخرى، إشارة واضحة إلى أن الحوار—even لو مع “العدو”—يبقى خياراً سياديًا عندما تفرض الضرورات ذلك.
“أنا رجل دولة.. ولبنان ليس ملكاً لأحد”
في سياق حديثه، شدّد عون على أنه لا يمارس العمل السياسي التقليدي، بل يتصرف من موقع الدولة، قائلاً:
“أنا لا أعمل في السياسة، بل أنا رجل دولة. البعض يرى لبنان ملكًا له، لكنني أعتبر نفسي ملكاً للبنان”.
هذا التصريح يسلّط الضوء على انتقاده الضمني للطبقة السياسية التي تتعامل مع الدولة بمنطق المحاصصة والملكية الخاصة، في مقابل دعوته لتغليب منطق الدولة ومصلحة الشعب.
دلالة التوقيت والسياق السياسي
تأتي هذه التصريحات في لحظة شديدة الحساسية، حيث:
الحدود الجنوبية تشهد توتراً متصاعداً على وقع التطورات في غزة.
المشهد الداخلي اللبناني يعيش فراغاً رئاسياً وتمزقاً سياسياً وانهياراً اقتصادياً.
المجتمع الدولي يدفع في اتجاه حلول تفاوضية تمنع توسّع الصراع إلى لبنان.
وسط هذا السياق، يُفهم كلام جوزاف عون كرسالة إلى الداخل والخارج مفادها أن لبنان مستعد للتفاوض دفاعاً عن أمنه ومصالحه، دون التخلي عن ثوابته.
بين الواقعية والسيادة
بين من يرى في كلامه “واقعية سياسية ضرورية”، ومن يعتبره “ليناً لا يجوز في مواجهة العدو”، تبقى النقاط المركزية في موقفه واضحة:
التفاوض ليس ضعفاً، بل أداة من أدوات الدولة.
الجيش يجب أن يبقى فوق التجاذبات السياسية والطائفية.
لبنان ليس ملكاً لطائفة أو حزب، بل دولة لجميع أبنائها.
تصريحات جوزاف عون لم تكن مجرد جملة عابرة، بل مقاربة كاملة لطريقة الخروج من المأزق اللبناني:
الدولة أولاً، الجيش فوق الجميع، والتفاوض جزء من المعركة لا خيانة لها.


