المهن البديلة في غزة: صمود الشباب أمام واقع الحرب والبطالة
خاص – طارق حمدية _العرب نيوز اللندنية
وسط ركام المباني المهدمة وشوارع المدينة المليئة بأثر القصف، يكافح شباب غزة من أجل البقاء والعيش بكرامة في ظل حرب إبادة جماعية حوّلت قطاع غزة إلى منطقة منكوبة. مع تدمير مئات الورش والمصانع والمنشآت الخدمية، وجد الآلاف من أبناء غزة أنفسهم بلا عمل، لتبدأ رحلة البحث عن “المهن البديلة”، كوسيلة للتغلب على واقع غير مسبوق.
بطالة خانقة وظروف قاسية
تشير أحدث التقارير المحلية إلى أن معدل البطالة في قطاع غزة تجاوز 75% في الربع الأول من عام 2025، وهي من أعلى النسب عالميًا. وتزداد هذه النسبة بشكل خاص في أوساط الشباب والخريجين والعمال المهرة، الذين أصبحوا عاجزين عن ممارسة مهنهم الأصلية بسبب دمار البنية التحتية أو انقطاع سلاسل الإمداد.
قصة فادي العكاوي: من ميكانيكي إلى بائع خضار
فادي العكاوي، شاب في الثلاثين من عمره من حي الشجاعية، كان يعمل ميكانيكي سيارات منذ أكثر من 10 سنوات. ورشته الصغيرة التي ورثها عن والده كانت مصدر دخله الوحيد. لكن الحرب الأخيرة لم تترك شيئًا. فقد فادي ورشته وأدواته، وتحولت سيارته الخاصة إلى ركام.
يقول فادي: “بعد ما انقصف الحي، ما ظل إلنا لا ورشة ولا زباين. ما قدرت أضل أستنى المساعدات، فصرت أشتري شوية خضرة من السوق وأبيعهم عالبسطة عشان أجيب أكل للولاد.”
ورغم الفارق الشاسع بين مهنة الميكانيكي ومهنة بائع الخضار، يرى فادي أن الكرامة تأتي من العمل، أيًا كان شكله.
مهن جديدة في زمن الحرب
فادي ليس الوحيد، بل أصبح مشهد الشباب الذين يعملون في مهن مؤقتة أو غير تقليدية مألوفًا في القطاع. البعض توجه للعمل في:
الزراعة المنزلية: زراعة الخضار في الحدائق والأسطح لتأمين الحد الأدنى من الغذاء.
إعادة تدوير الركام: جمع الحديد والأسلاك والنحاس من المباني المهدمة وبيعها.
الحرف اليدوية البسيطة: مثل صناعة السلال من سعف النخيل أو الأثاث من الخشب المستعمل.
التطوع في الإغاثة: في ظل غياب الدولة، يعمل بعض الشباب في توزيع المساعدات وتأمين المياه النظيفة للسكان.
تحديات ومبادرات
رغم قسوة الواقع، ظهرت بعض المبادرات الشبابية لدعم فكرة المهن البديلة. منها ورش تدريب سريعة على مهن مختلفة، أو أسواق إلكترونية محلية لتسويق المنتجات اليدوية والمصنوعة منزليًا.
كما بدأ البعض باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لخدماتهم الجديدة، مثل إصلاح الهواتف أو بيع الطعام المنزلي، وهو ما وفّر دخلًا مؤقتًا لعشرات العائلات.
مستقبل غامض… وأمل لا ينطفئ
ورغم عدم وجود مؤشرات واضحة على تحسّن الوضع الاقتصادي أو توقف العدوان، يؤمن الكثير من شباب غزة أن الإرادة أقوى من الدمار. يقول فادي: “إحنا مش راح ننهزم، الحرب ممكن تهدم المباني بس مش راح تكسر عزيمتنا.
عدد المشاهدات: 2