آسيا يعيدون تقييم استثماراتهم في سوق الأسهم الأمريكية بسبب سياسات ترامب
طارق حمدية _ العرب نيوز اللندنية
بعد أن كانت الولايات المتحدة الوجهة المفضلة للأثرياء الآسيويين لاستثمار أموالهم، بدأ هؤلاء المستثمرون في إعادة النظر في استثماراتهم وسط مخاوف من السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية، والتي تهدد بزعزعة استقرار أكبر اقتصاد في العالم.
تراجع الثقة في السوق الأمريكية
لطالما جذب الاقتصاد الأمريكي رؤوس الأموال العالمية بفضل نموه القوي واستقراره السياسي وعلاقاته الجيدة مع الحلفاء. لكن بعد ثلاثة أشهر من بدء ولاية ترامب الثانية، تزايدت المخاوف من دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي، مدفوعًا بالرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب على الشركاء التجاريين، مما يهدد النظام الاقتصادي العالمي الذي ساد منذ الحرب العالمية الثانية.
وفقًا لتقرير نشرته “نيكاي آسيا”، يشعر المستثمرون الآسيويون الأثرياء بالقلق من حالة عدم اليقين التي تهدد ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي. وقال هيديوكي واتاراي، الرئيس التنفيذي لشركة “فاميلي أوفيس ديزاين” في طوكيو: “يعتقد بعض المستثمرين أن عصر النيوليبرالية والتجارة الحرة قد انتهى، وحل محله اتجاه نحو الحمائية والقومية”.
تأثير سياسات ترامب على الأسواق
على الرغم من الارتفاع الأخير في أسعار الأسهم الأمريكية بعد تخفيف ترامب حدة خطابه، لا يزال مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” منخفضًا بنحو 10% عن مستواه القياسي في فبراير الماضي. كما زادت مخاوف المستثمرين بعد ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.59% في أبريل، رغم تراجع قيمة الدولار.
وتضم آسيا أربعة من بين أكبر 10 دول في عدد الأفراد ذوي الثروات الهائلة (التي تزيد عن 30 مليون دولار)، وفقًا لشركة “ويلث إكس”. وتتصدر الصين القائمة بحوالي 46 ألف ثري، تليها اليابان (16,565)، وهونغ كونغ (12,545)، والهند (9,540).
تحول المستثمرين نحو أصول بديلة
أشارت كازومي أوغاكي، المديرة العامة لشركة “أوياما للخدمات المالية” في طوكيو، إلى أن أصحاب الشركات الخاصة والمستثمرين الأثرياء بدأوا في البحث عن خيارات استثمارية بعيدًا عن الأسهم الأمريكية. وقالت: “يعبرون عن مخاوفهم ويسألون عما إذا كان عليهم تغيير فئات الأصول التي يستثمرون فيها”.
من جهته، لاحظ تومي ليونغ، رئيس الخدمات المصرفية الخاصة في بنك “إتش إس بي سي” بسنغافورة، أن بعض المستثمرين يعيدون تقييم حجم استثماراتهم في الأسواق الأمريكية والدولار. وأضاف: “مقارنة بفترات الركود السابقة، أصبح المستثمرون أكثر تحفظًا، ويركزون على المرونة بدلاً من الرهانات المركزة على أسواق محددة”.
في الهند، لم يغير الأثرياء استثماراتهم المحلية بعد، لكنهم عدلوا استثماراتهم الدولية، وفقًا لشرافان كومار سرينيفاسولا، المدير التنفيذي لشركة “أفيندوس” في مومباي، التي تدير أصولًا بقيمة 7 مليارات دولار.
التحوّل نحو الذهب والعملات الأخرى
شهدت أصول الملاذ الآمن مثل الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، حيث سجل الذهب مستوى قياسيًا بلغ 3500.05 دولار للأونصة. وقال أحد مسؤولي بنك “جي بي مورجان”: “أصبح الذهب أداة تحوط مهمة، خاصة مع تنويع البنوك المركزية والمستثمرين استثماراتهم بعيدًا عن السندات الأمريكية”.
كما يفكر بعض المستثمرين في التحول إلى اليورو والين، مع اتجاه متزايد نحو استكشاف استثمارات بديلة. لكن واتاراي يشير إلى أن “هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أنه لا توجد عملة بديلة قوية للدولار في الوقت الحالي”.
يبدو أن سياسات ترامب التجارية والمالية قد أثرت على ثقة المستثمرين الآسيويين الأثرياء، مما دفعهم إلى إعادة تقييم استثماراتهم في السوق الأمريكية والبحث عن خيارات أكثر أمانًا في ظل بيئة اقتصادية غير مستقرة.
عدد المشاهدات: 4