“غزو الهمسات: الاستعمار الناعم في عالم بلا حدود”
نيسان الليثى _العرب نيوز اللندنية
الاستعمار الناعم ليس جيشًا يقتحم الحدود، ولا مدافع تدوي في الأفق، بل هو نسيم خفي يتسلل إلى العقول والقلوب دون أن نشعر. إنه فن السيطرة المغلف بالجاذبية، حيث تُستبدل الأسلحة بالأفلام، والقوانين بالأغاني، والأوامر بالإعلانات.
في عالم تتدفق فيه الصور والأفكار عبر شاشاتنا، يصبح الاستعمار الناعم سيد الموقف، يشكل أحلامنا ويرسم رغباتنا بخطوط لم نختارها. من هوليوود إلى العلامات التجارية، ومن اللغة الإنجليزية في كل زاوية إلى موضة تُفرض كمعيار للجمال، نحن نعيش تحت وطأة تأثير لا نراه.
لكنه ليس مجرد غزو، بل رقصة معقدة بين المؤثر
والمتأثر. يمنحنا التكنولوجيا والترفيه، لكنه يأخذ شيئًا أعمق: هويتنا، جذورنا، طريقتنا في رؤية العالم. وفي خضم هذا الصمت المزيف، يبقى السؤال: هل نحن أحرار حقًا؟ أم أننا نرقص على أنغام كتبها آخرون؟ في النهاية، قد لا نفقد أرضًا، لكننا نخاطر بفقدان أنفسنا، تاركين خلفنا أصداء ثقافة تلاشت، تنتظر من يوقظها قبل أن تغرق في ليل النسيان.
عدد المشاهدات: 16