” لاتنشغل بعيوب الآخرين “
د….سمير المصري .. العرب نيوز اللندنية
البعض منا ينتبه لعيوب الناس وتعمى عيونه عن أخلاقهم الحسنة التي قد تكون أكثر كثيرا من هذه العيوب ، نحن نتغافل عن الحقيقة وهي أنه لا يوجد إنسان كامل ابدا ، فلكل منا عيوبه .
ولو كان الإنسان منشغلاً بنفسه عن غيره، لارتاحت له الأنفس، وكان محبوباً وأكثر قرباً من الناس ، أما إذا كان دائماً يتتبع زلات الناس، وينشر عيوبهم وخطاياهم، فسينفر منه الجميع، وسيفضحه الله سبحانه وتعالى، حتى ولو كان في بيته.
ان الكمال لله وحده والعصمة للأنبياء فلا عصمة لأحد بعد الأنبياء ؛ أما البقية من البشر البشر كلهم قد يصيبون او يخطئون ، فلا يخلو إنسان من نقص وعيب ، لكن هنالك مشكلة تنغص على كثير من الناس حياتهم وهي أن يكون هناك من يترصد للأخطاء والعيوب ، فمن تكون عينه دائما مسلطة عليك يراقب حركاتك وسكناتك ويرصد عليك أخطاءك وعيوبك لا لينصح وإنما ليشهر ويفضح ؛ يرى نفسه دائما على صواب وغيره على خطأ ولا يسلم الناس من لسانه بتتبع عوراتهم وهتك أستارهم ؛ أنه عيب كبير لو اتصف به أحد فلا بد أن يعالج منه نفسه .
لو نظر المرء الي عيوب نفسه سوف ينشغل بها عن عيوب الآخرين ؛ فالمرء مطالب بإصلاح نفسه أولا ويسأل عنها قبل غيرها.
انهم ناس غريبة … حقودة ..!
تجلس اليهم فلا هم لهم إلا العيب في غيرهم فيقولوا فلان كذا وكذا وفلانة فيها من العيوب كذا وكذا …. والمؤسسة الفلانية والهيئة الفلانية …الخ ، فلا يرى إلا العيوب فقط .
وبهذه النوعية من الناس نشبهم بالغراب الذي يمر ببستان جميل فيه الثمار والأشجار تجرى من تحتها الأنهار يمر هذا الغراب فلا يخرج من البستان إلا بدودة !!!
أو كالذباب الذي لا يحط إلا على القاذورات فينقل الجراثيم والميكروبات !!!
وهناك من هو كالنحل لا يحط إلا على أطيب الزهر جعلنا الله وإياكم منهم .
فلا أحسب الإنسان ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه.
كنا نحدَّث أن أكثرَ الناس خطايا أفرغُهم لذكر خطايا الناس ، فكفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة، وكفى المرء شراً ألا يكونَ صالحا ويقعَ في الصالحين .
فالإنسان –لنقصه وحب نفسه – يستمر على تدقيق النظر في عيب أخيه، فيدركه مع خفائه ، فيعمى به عن عيبٍ في نفسه ظاهر، ولو أنه انشغل بعيب نفسه عن التفرغ لتتبع عيوب الناس، لكف عن أعراض الناس وسد الباب إلى الغيبة.
كثيرا ما ننتبه للأعمال السيئة ونغفل عن الأعمال الحسنة التي قد تكون أكثر بكثير من السيئة وما انتبهنا!!
فليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم.
إن أخطر الأمراض القلبية التي يُصاب بها الإنسان أن يرضى عن نفسه، ويرى كمالات نفسه، ويغفل عن عيوبه، مع أنه لا يخلو إنسان من نقص وعيب وذنب وخطيئة.
وإذا أراد الله بعبده خيراً صرفه إلى الاعتناء بعيوب نفسه، ومحاولة إصلاحها فتجده دائماً منشغلاً بنفسه، حريصاً على تزكيتها.
وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه ، وينظر في عيوب إخوانه بمنظار مُـكـبِّـر!!
والإنسان ـ لنقصه ـ يتوصل إلى عيب أخيه مع خفائه ، وينسى عيب نفسه مع ظهوره ظهورا مستحكما لا خفاء به.
الخلاصة
ان الحديث عن أخطاء الآخرين، والإسراف في ذكرها ولوك اللسان بها ، يدل على مرض عضال في النفس وهو الشعور الدائم بالنقص .
انهم يبحثون عن الأخطاء ، كأنها هواية عندهم ؛ فهم يفرحون بها إذا وجدوها ويضخمونها إذا عرضوها ، وهم يذكرون دائمًا الخطأ ، ولا يذكروا أبدًا الصواب ،
تبرز شخصية الإنسان من خلال نصيبه من هذه القضية، فإذا عرف بأنه مشغول بتضخيم عيوب الآخرين والطعن في الناس ، فهذه مرآة تعكس أنه يشعر بضآلة نفسه وحقارتها وأن حجم نفسه صغير هو يعتقد أنه لن يعلو قدره إلا على أنقاض الآخرين،
هو دائماً يحاول أن يحطم الآخرين ويكثر نقدهم ويذكر عيوبهم ان كان لديهم ، وهذه مرآة تعكس أن إحساسه وثقته بنفسه ضعيفة ، وأنه في داخل نفسه يحس أنه صغير وحقير ، فلذلك يشتغل بعيوب الآخرين .
عدد المشاهدات: 12