باشينيان في إسطنبول… زيارة تاريخية لرأب الصدع بين أرمينيا وتركيا
نادر الشرفي _ العرب نيوز اللندنية
وصل رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، اليوم الجمعة، إلى مدينة إسطنبول في زيارة نادرة إلى تركيا، وصفتها يريفان بأنها “تاريخية”، وتمثل خطوة نحو تحقيق سلام إقليمي شامل، في ظل توتر تاريخي وعقود من القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.
وأكدت المتحدثة باسم الرئاسة الأرمينية نازلي بغدسريان أن “رئيس الوزراء نيكول باشينيان وصل إلى تركيا في زيارة عمل”، استجابة لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يستقبله في قصر “دولمة” بعد ظهر الجمعة.
وتأتي هذه الزيارة رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين أنقرة ويريفان، واستمرار إغلاق حدودهما المشتركة منذ تسعينيات القرن الماضي، على خلفية إرث تاريخي مؤلم يتمثل في المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن عامي 1915 و1916 خلال عهد الإمبراطورية العثمانية.
وترى أرمينيا أن هذه المجازر أودت بحياة نحو 1.5 مليون أرمني وتُعد “إبادة جماعية”، وهو وصف تعترف به 34 دولة، بينها الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا. في المقابل، تنكر تركيا هذا التوصيف، وتقدّر عدد القتلى بما بين 300 و500 ألف، معتبرة أنهم سقطوا في سياق الحرب.
ويرتبط التوتر أيضًا بالدعم التركي الحازم لأذربيجان، الخصم الإقليمي لأرمينيا، لا سيما خلال النزاع حول إقليم ناغورني قره باغ الذي استعادت باكو السيطرة عليه عام 2023، منهية بذلك عقوداً من حكم الانفصاليين الأرمن للإقليم.
رئيس مجلس النواب الأرميني آلن سيمونيان وصف الزيارة بأنها “تاريخية”، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يزور فيها رئيس وزراء أرميني تركيا بهذا المستوى. وأضاف، “ستُناقش جميع القضايا الإقليمية”، مؤكدًا أن احتمال اندلاع حرب جديدة مع أذربيجان “ضئيل حالياً ويجب العمل على تحييده”.
وبحسب مصدر في وزارة الخارجية الأرمينية، فإن لقاء باشينيان وأردوغان سيتناول أيضاً جهود التوصل إلى معاهدة سلام بين أرمينيا وأذربيجان، إلى جانب مناقشة تداعيات الحرب الإسرائيلية-الإيرانية المتصاعدة.
وكان الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف قد زار تركيا الخميس، حيث التقى أردوغان وأشاد بالتحالف بين بلديهما، واصفًا إياه بأنه “عامل مهم إقليمياً ودولياً”، بينما جدد الرئيس التركي دعمه لتسوية سلمية بين باكو ويريفان.
يُذكر أن باشينيان سبق أن أعلن هذا العام عن وقف حملة بلاده الدولية للاعتراف بمجازر الأرمن كـ”إبادة جماعية”، في خطوة اعتبرها مراقبون تنازلاً لتركيا في سبيل دفع عملية التطبيع، لكنها أثارت انتقادات داخلية واسعة في أرمينيا.
وسبق لباشينيان أن زار تركيا مرة واحدة لحضور حفل تنصيب أردوغان في عام 2023، كما عيّنت كل من أنقرة ويريفان مبعوثين خاصين في 2021 لقيادة محادثات التطبيع، والتي شهدت استئناف الرحلات الجوية في 2022 بعد انقطاع دام عامين.
ومع ذلك، لا تزال عملية المصالحة محفوفة بالتحديات، خصوصاً بعد فشل تنفيذ اتفاق عام 2009 الذي كان ينص على فتح الحدود بين البلدين، قبل أن يتم التخلي عنه رسمياً في 2018.
عدد المشاهدات: 2