كريستال داغر: فراشة الفنون التي ترقص بين الألوان والأدوار
بقلم -مايا ابراهيم -لبنان
في زمنٍ باتت فيه الموهبة عملة نادرة، تلمع كريستال داغر كنجمة غير قابلة للانطفاء، حاملة في كفّها ريشة، وفي الأخرى مرآة شخصياتها المتعدّدة. هي شابّة لبنانية استثنائية، لا تعرف حدودًا للإبداع، تمشي بين الرسم والتمثيل وفنّ التصميم الغرافيكي بخفّة راقصةٍ على حبال الحلم والواقع، وتنسج من كلّ فنٍّ جناحًا يحلّق بها أعلى من التصنيفات.
ولدت كريستال من رحم الحسّ الفنيّ، فوجدت في الرسم بيتها الأول، وفي الألوان وسيلتها الأصدق للتعبير. لوحاتها لا تُقرأ بل تُحسّ، كأنّها أبواب مشرّعة على عالمٍ داخليّ غنيّ، عميق، وطفوليّ ببراءته وتمرّده معًا. في رسوماتها، العين لا تكتفي بالنظر، بل تسافر، تتأمّل، وتتساءل.
لكنّها لم تكتفِ بلونٍ واحد، بل مزجت بين الفنّ التشكيلي والتمثيل، حيث تقف أمام الكاميرا كأنّها شخص آخر تمامًا. تؤمن كريستال بأنّ التمثيل ليس تقمّصًا فحسب، بل استحضارًا لحالاتٍ إنسانية دفينة، تحفرها بخفّة وصدق. هي لا تمثّل الدور، بل تعيشه، تُضحك وتُبكي، فتُربك المتلقّي بسلاسة أدائها وصدق تعبيرها.
أما التصميم الغرافيكي، فهو المجال الذي استطاعت من خلاله أن تؤطّر أفكارها الجامحة بصيغة بصرية حديثة. بين الانضباط التقني والابتكار البصري، تُبدع كريستال بصمتٍ مشاغب، تصمّم كأنّها ترسم، ترسم كأنّها تمثّل، وتمثّل كأنّها تكتب فصولًا من خيالها المتعدّد.
ولا يتوقّف إبداعها هنا، بل تمتلك حسًّا ساخرًا لاذعًا تصوغه في منشوراتها وتعليقاتها، فتستخدم فنّ الـ sarcasm كسلاحٍ ناعم يكشف ويعبّر ويُضحك، دون أن يفقد عمقه النقدي. هي لا تهاجم، بل تلامس، لا تستهزئ، بل تفتح العيون على ما لا يُقال.
كريستال داغر ليست مجرّد فنانة متعددة المواهب؛ هي مشهدٌ كامل، تلعب فيه دور الكاتب والمخرج والبطل والكومبارس، تُؤلّف الصورة بخيالها، وتخلق الشخصيات من نبضها، وتمنح لكلّ تفصيلٍ روحه الخاصة.
في زمنٍ يُستنسخ فيه الجميع، تظلّ كريستال نسخة أصلية لا تتكرّر. فتاةٌ تشبه الحلم حين يتجسّد، وتشبه الفنّ حين يُحبّ الحياة أكثر من الواقع
الإعلامية مايا إبراهيم
عدد المشاهدات: 20