أوكرانيا ودول أوروبية تتفق على إنشاء محكمة خاصة لمحاسبة روسيا على جريمة العدوان
طارق حمدية _العرب نيوز اللندنية
اتفقت أوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية على إنشاء محكمة دولية خاصة تهدف إلى محاسبة القيادة الروسية على ما وصفوه بـ”جريمة العدوان” ضد أوكرانيا. جاء هذا الإعلان في ختام اجتماع رفيع المستوى عُقد في مدينة لفيف الأوكرانية يوم الجمعة، بالتزامن مع إحياء روسيا لذكرى انتصارها في الحرب العالمية الثانية من خلال عرض عسكري واسع النطاق في العاصمة موسكو.
ووفقاً لبيان مشترك صدر عن وزارة الخارجية الأوكرانية، فإن الدول المشاركة رحّبت بـ”استكمال العمل الفني المتعلق بصياغة الآليات القانونية الضرورية لإنشاء المحكمة الخاصة”، التي ستندرج تحت مظلة مجلس أوروبا. ويُعتبر هذا التطور خطوة قانونية وسياسية مهمة تسعى من خلالها أوكرانيا إلى تحميل القيادة الروسية المسؤولية عن قرار شن الحرب في فبراير 2022.
المحكمة الخاصة: آلية جديدة للمساءلة الدولية
تأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مبدأ المساءلة في النزاعات المسلحة. وبينما تُعد المحكمة الجنائية الدولية الجهة الرئيسية لمقاضاة الجرائم الدولية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فإنها لا تمتلك الولاية القانونية لملاحقة “جريمة العدوان” دون موافقة الدولة المعنية. ولذلك تسعى أوكرانيا وحلفاؤها إلى إنشاء هيئة قانونية مخصصة تُغطي هذا الفراغ القانوني.
وتستند هذه الخطوة إلى دعم سياسي وقانوني متزايد من دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب منظمات دولية مثل مجلس أوروبا، الذي يُعتبر من أقدم المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان وسيادة القانون في القارة الأوروبية.
خلفية النزاع والدوافع القانونية
منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، تسعى كييف إلى حشد الدعم الدولي لتوثيق الانتهاكات ورفع الدعاوى القضائية ضد روسيا على المستويين الوطني والدولي. وترى الحكومة الأوكرانية أن إنشاء محكمة خاصة سيُمثّل سابقة قانونية مهمة، قد تردع محاولات مماثلة في المستقبل وتُسهم في إنصاف الضحايا وتعزيز القانون الدولي.
من جهتها، ترفض روسيا هذه الاتهامات، وتعتبر تدخلها العسكري في أوكرانيا “عملية خاصة” تهدف إلى حماية أمنها القومي ومصالحها الجيوسياسية، وهو موقف قوبل برفض واسع من قبل دول غربية.
خطوات تنفيذية وتحديات محتملة
رغم الاتفاق على الإطار الفني والقانوني للمحكمة، لا تزال هناك تحديات عديدة تتعلق بآليات التنفيذ، مثل تحديد موقع المحكمة، واختيار القضاة، وضمان الاعتراف الدولي بها، خاصة من الدول غير الأوروبية.
ومع ذلك، ترى أوكرانيا وحلفاؤها أن هذه الخطوة ضرورية، ليس فقط من أجل محاسبة المسؤولين عن اندلاع الحرب، بل أيضاً لترسيخ مبادئ العدالة ومنع الإفلات من العقاب.
ويُعد إعلان إنشاء المحكمة الخاصة لمقاضاة روسيا على جريمة العدوان تطوراً جديداً في مسار الجهود الدولية لإيجاد آلية قانونية قادرة على معالجة أحد أبرز التحديات القانونية في النزاعات الدولية المعاصرة. ومن المتوقع أن تتواصل الاجتماعات بين الدول الداعمة للمشروع خلال الأشهر المقبلة من أجل تحويل هذا الاتفاق السياسي إلى واقع قانوني فعلي.
عدد المشاهدات: 0