امرأة تحدت مرضاً نادراً وأصبحت فنانة شهيرة قبل أن تواجه نهاية مأساوية
طارق حمدية _العرب نيوز اللندنية
عانى أصحاب الاحتياجات الخاصة والأشخاص ذوو التشوهات الخلقية عبر التاريخ من التمييز والقسوة، حيث تعرضوا للسخرية أو الاستغلال في بعض المجتمعات، بل وتحولوا في بعض الأحيان إلى موضوع للتجارب أو العروض الاستثنائية.
في أوروبا، انتشر ما عُرف بـ”السيرك البشري”، الذي كان يعرض أشخاصاً يعانون من تشوهات أو إعاقات نادرة مقابل المال. ومن بين هؤلاء، برزت الفنانة الإنجليزية **سارة بيفين**، التي تحولت من ضحية استغلال إلى واحدة من أشهر رسامي عصرها.
طفولة صعبة وتحدي الإعاقة
ولدت سارة بيفين عام 1784 في مقاطعة سومرسيت الإنجليزية، لعائلة فقيرة تعمل في الزراعة. عانت منذ ولادتها من تشوه خلقي نادر يُدعى “تفقم الأطراف” (Phocomelia)، حيث وُلدت بدون أذرع أو ساقين.
رغم ذلك، لم تستسلم سارة، وتعلمت القراءة والكتابة والخياطة، بل وأتقنت الرسم باستخدام فمها. أظهرت موهبة فنية مبهرة، خاصة في رسم البورتريه، مما جذب الانتباه إليها.
الاستغلال في السيرك البشري
في سن الخامسة عشرة، اضطرت سارة للانضمام إلى أحد عروض السيرك البشري بعد أن قدمها والداها لمالكه. هناك، استُغلت موهبتها لجذب الجمهور، حيث كانت ترسم لوحات أمام المشاهدين مقابل مبالغ زهيدة، بينما جنى صاحب السيرك أرباحاً طائلة من عروضها.
التحول إلى الشهرة
لفتت موهبة سارة انتباه النبيل البريطاني جورج دوغلاس، الذي قرر مساعدتها. بفضله، تمكنت من ترك السيرك والالتحاق بفنان محترف هو ويليام مارشال كريغ لتحسين مهاراتها.
سرعان ما اشتهرت سارة في الأوساط الفنية البريطانية، وأصبحت رسامة بورتريه معروفة، تلقى أعمالها إعجاب الكثيرين، بما في ذلك أفراد العائلة المالكة.
نهاية مأساوية
رغم نجاحها، لم تحظَ سارة بحياة سهلة. بعد سنوات من الشهرة، عانت من تدهور صحتها وتوفيَت في فقر نسبي عام 1850. رحلت تاركةً إرثاً فنياً مذهلاً، يثبت أن الإعاقة الجسدية لا تقف حاجزاً أمام الإبداع، لكن قصتها تظل شاهدة على قسوة الاستغلال الذي تعرضت له في بداية حياتها.
عدد المشاهدات: 4