منظمة الصحة العالمية تصدر توصيات جديدة لوضع حد لارتفاع معدلات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية
د.علي سرحان ….العرب نيوز اللندنية
وجهت منظمة الصحة العالمية مبدأً توجيهياً جديداً يقضي بضرورة اتخاذ تدابير عاجلة للحد من “إضفاء الطابع الطبي” المتزايد على ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وإشراك العاملين الصحيين في منع هذه الممارسة.
ومع أن القطاع الصحي يؤدي دوراً رئيسياً في منع ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ودعم الناجيات، فإن البيّنات المستمدة من عدة أجزاء من العالم تشير إلى أن العاملين الصحيين يقومون الآن بإجراء هذه الممارسة بشكل متزايد. وبحسب تقديرات عام 2020، فقد تعرضت 52 مليون فتاة وامرأة لتشويه أعضائهن التناسلية الأنثوية على أيدي عاملين صحيين في حوالي حالة واحدة من بين كل 4 حالات.
ويبين المبدأ التوجيهي الجديد الصادر عن المنظمة والمعنون “منع ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والتدبير العلاجي السريري للمضاعفات الناجمة عنها”، توصيات تقضي بمنع هذه الممارسة وضمان تزويد الناجيات برعاية مسندة بالبيّنات على حد سواء، بحيث تشمل إجراءات موجهة إلى كل من قطاع الصحة والحكومات والمجتمعات المحلية المتضررة.
وتحدثت الدكتورة باسكال ألوتي، مديرة إدارة الصحة الجنسية والإنجابية والبحوث ذات الصلة في المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة الخاص للبحث والتطوير والتدريب على البحوث في مجال الإنجاب البشري:
قائلة: “إن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الفتيات ويعرض صحتهن لخطر جسيم. ويؤدي قطاع الصحة دوراً أساسياً في منع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية – ويجب أن يقوم العاملون الصحيون بدور وسطاء فاعلين لإحداث تغيير في هذا المضمار عوضاً عن ضلوعهم في ارتكاب هذه الممارسة الضارة، كما يجب عليهم أن يزودوا من يعانين من آثار هذه الممارسة برعاية طبية عالية الجودة.”
وتُجرى عادة ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية على الفتيات الصغيرات قبل وصولهن إلى سن البلوغ، وهي تشمل جميع الإجراءات التي تزيل أو تصيب أجزاء من الأعضاء التناسلية الأنثوية لأسباب غير طبية. وتثبت البيّنات أن هذه الممارسة تلحق الضرر بمن يخضعن لها بغض النظر عمّن يجريها عليهن. وتشير كذلك بعض الدراسات إلى أن خطورة الممارسة يمكن أن تزيد إذا أجريت على يد عاملين صحيين، لأنها يمكن أن تسبب جروحاً أعمق وأخطر. كما أن “إضفاء الطابع الطبي” على هذه الممارسة يهدد بإضفاء طابع الشرعية عليها عن غير قصد وقد يعرض بالتالي الجهود المبذولة على نطاق أوسع للتخلي عن هذه الممارسة للخطر.
ولهذه الأسباب، يوصي المبدأ التوجيهي الجديد الصادر عن المنظمة بوضع مدونات قواعد سلوك تحظر صراحة على العاملين الصحيين إجراء ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. وثانياً، واعترافاً بالدور الوقور الذي يؤديه العاملون الصحيون داخل المجتمعات المحلية، فإن المبدأ التوجيهي يشدد على ضرورة إشراكهم وتدريبهم تدريباً إيجابياً على منع هذه الممارسة. ويمكن أن تساعد مناهج التواصل المراعية لحساسيات المسألة العاملين الصحيين على رفضهم فعلياً لطلبات إجراء ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والقيام في الوقت نفسه بإطلاع الناس على المخاطر الجسيمة التي تخلفها الممارسة في الوقت الحاضر وفي الأجل الطويل.
ومن جهتها، تحدثت كريستينا باليتو، المتخصصة في الشؤون العلمية في المنظمة والبرنامج الخاص للبحث والتطوير والتدريب على البحوث في مجال الإنجاب البشري، والتي تولت قيادة عملية وضع المبدأ التوجيهي الجديد، قائلة: “تثبت البحوث أن بإمكان العاملين الصحيين أن يقوموا بدور قادة مؤثرين بآرائهم في تغيير المواقف إزاء ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ويؤدوا دوراً حاسم الأهمية في منعها. وينبغي أن يشكل إشراك الأطباء والممرضات والقابلات عنصراً أساسياً من عناصر منع ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والاستجابة لها لدى سعي البلدان إلى إنهاء هذه الممارسة وحماية صحة النساء والفتيات منها.”
وعلاوة على القوانين والسياسات الفعالة، يسلط المبدأ التوجيهي الضوء على ضرورة تثقيف المجتمع المحلي وتزويده بالمعلومات اللازمة. كما يمكن أن يؤدي الاضطلاع بأنشطة توعية المجتمع المحلي التي يشارك فيها الرجال والفتيان دوراً فاعلاً في زيادة المعرفة بممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وتعزيز حقوق الفتيات، وتقديم الدعم في مجال تغيير المواقف.
وإضافة إلى منع ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ترد في المبدأ التوجيهي عدة توصيات سريرية للمساعدة في ضمان إتاحة رعاية طبية متعاطفة وعالية الجودة للناجيات من هذه الممارسة. ونظراً لما تخلفه الممارسة من مشاكل صحية في الأجلين القصير والطويل على حد سواء، فقد يلزم تزويد الناجيات بطائفة من الخدمات الصحية عبر مراحل مختلفة من حياتهن، بدءاً بالرعاية الصحية النفسية وانتهاءً بالتدبير العلاجي لمخاطر الولادة، وإجراء العمليات الجراحية اللازمة لإصلاح الأضرار التي يتعرضن لها، عند الاقتضاء.
وتثبت البيّنات أن إنهاء ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ممكن بفضل توفير الالتزام والدعم المناسبين. فقد شهدت بلدان مثل بوركينا فاسو وسيراليون وإثيوبيا انخفاضاً في معدلات انتشار الممارسة بين من تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً على مدى السنوات الثلاثين الماضية بنسب وصلت إلى 50٪ و35٪ و30٪ في كل واحد من تلك البلدان على التوالي، وذلك بفضل العمل الجماعي والالتزام السياسي بفرض حالات الحظر على الممارسة وتسريع وتيرة منعها.
وانخفض منذ عام 1990 احتمال تعرض الفتيات لممارسة تشويه الأعضاء التناسلية بمقدار ثلاثة أمثال. ولكن ما زالت الممارسة شائعة في حوالي 30 بلداً من بلدان العالم، وما زالت هناك، بحسب التقديرات، 4 ملايين فتاة من المعرضات لخطر خضوعهن لها سنوياً.
عدد المشاهدات: 2