مؤشرات هبوط الدولار خلال الفترة المقبلة
د علي سرحان العرب نيوز اللندنية
كان سعر صرف الدولار في صعود أثناء الخريف، الذي سبق الانتخابات الرئاسية العام الماضي ، بفضل نمو نسبي في الاقتصاد الأمريكي، واستمر في قوته بعد فوز ترامب بالرئاسة، في نوفمبر، على أمل أن يواصل صعوده.
وكان للحديث عن سياسة ترامب التجارية تأثير أيضاً. فالكثير من المستثمرين اعتقدوا أن تؤدي التعريفات الجمركية، التي وعد بفرضها، إلى زيادة التضخم. وهو ما يجبر البنك المركزي الأمريكي على رفع نسبة الفائدة، أو على الأقل عدم خفضها بالسرعة التي كانت متوقعة.
عليه فإن الهبوط الحاد في قيمة العملة، فضلاً عن بيع السندات الحكومية، التي تُعتبر هي الأخرى أصولاً آمنة، أمر غير اعتيادي.
وتقول جين فولي، مديرة استراتيجية الصرف الأجنبي في مصرف رابوبنك، إن انهيار سعر صرف الدولار كان صادماً بعد إعلان ترامب عن التعريفات الجمركية التي سماها “يوم التحرير”.
“فقد تقبل السوق لعدة سنوات قصة نمو الاقتصاد الأمريكي. وكانت البورصات الأمريكية متفوقة على البورصات الأخرى. وفجأة يقول لك خبراء الاقتصاد اليوم إن التعريفات ستدفع بالولايات المتحدة إلى التضخم”.
فرفع نسبة الفائدة في الولايات المتحدة يجعل الدولار أكثر جاذبية، إذ يعني أن المستثمرين سيحققون أرباحاً أكبر من سيولتهم النقدية بالدولار مقارنة بالعملات الأخرى.
ماذا يعني الدولار الضعيف؟
سيلاحظ الأمريكي العادي ضعف الدولار عندما يسافر إلى الخارج، فيجد أن أمواله لن تأخذه إلى أماكن بعيدة. أما السياح الأجانب فيجدون أن عملاتهم تشتري لهم أكثر.
ولكن تذبذب قيمة الدولار له تأثير قوي على المستوى الدولي أكبر من تأثير غيره من العملات.
والسبب في ذلك هو أن العملة الأمريكية هي عملة الاحتياط الأولى في العالم. وهذا يعني أن البنوك المركزية في كل أنحاء العالم تحتفظ بكميات كبيرة منها، باعتبارها جزءاً من احتياط النقد الأجنبي الخاص بها.
والبنوك المركزية تستعمل الدولار في تعاملاتها الدولية، لتسديد الديون، أو لدعم نسبة الصرف المحلية.
ويعد الدولار أيضاً العملة الأساسية في التجارة الدولية.
وتذكر فولي أن حوالي نصف الفواتير في العالم تدفع بالدولار.
ويذهب أصحاب رؤوس الأموال الدوليين الذين ركزوا استثماراتهم بشكل كبير على الأصول الأمريكية أصبحوا يبحثون الآن عن مصدر آخر للعوائد المرتفعة، على عكس المستثمرين الأمريكيين الذين اعتادوا تجاهل الأسهم الأجنبية لفترة طويلة، إذ “لن تكون لديهم هذه الرفاهية بعد الآن”.
ويقول سيندرو إن أصحاب الأصول يتخذون في كثير من الحالات خطوات دفاعية قصيرة الأجل لحماية أنفسهم من ركود محتمل، وهو ما يتبعه عادة توجه للخروج من أسهم “الشركات السبع الكبرى” مثل أبل، ومايكروسوفت، وأمازون، وألفابت، وميتا بلاتفورمز، وإنفيديا، وتيسلا، لأسباب يرى الكاتب أنها “لا تتعلق بترامب تحديداً”.
ويعتقد سيندرو أن ترامب تعهد بسد عجز الموازنة، مما قد يؤدي إلى “إضعاف الدولار”. وفي الوقت نفسه، “شن حرباً جمركية أدت إلى انهيار سوق الأسهم”، وأثارت ردود فعل انتقامية من الصين، وقد تثير ردود فعل سلبية من أوروبا ضد شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى.
بداية نهاية الدولار كعملة احتياط عالمية:-
يؤدي التراجع المتزايد في الثقة بالدولار الأمريكي، معتبراً أن ما يحدث لن يكون اضطراباً مؤقتاً، بل تحوّلٌ هيكليٌ في النظام المالي العالمي.
حين أدّت قرارات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إلى تراجع الأسهم، ومعها أظهرت الأسواق ردّ فعل غير تقليدي: لم تتّجه إلى سندات الخزانة كملاذ آمن، بل تخلّت عنها، وتراجعت قيمة الدولار رغم ارتفاع العوائد، ما عدّه الكاتب مؤشراً على ضعف الثقة.
وقد خسر الدولار خلال تلك الفترة أكثر من 9 في المئة من قيمته أمام عدة عملات، ما عزز الاعتقاد بأن الأسواق لم تعد ترى فيه ملاذاً آمناً، وفق خانا، الذي تساءل “إن كنا أمام أزمة مؤقتة أم بداية نهاية الدولار كعملة احتياط عالمية”؟
عدد المشاهدات: 2