الصهيونية ومناهج التعليم
الدكتورة أنيسة فخرو
التعليم في الكيان الصهيوني كله تحت رقابة النظام، والمدارس تنقسم إلى نوعين: حكومية ودينية، وكلاهما تبثّ في عقول الطلبة الحقد تجاه العرب، والدينية الأكثر تحريضًا، يبثون السموم من خلال المناهج الدراسية، منذ رياض الأطفال وحتى الجامعة، مناهجهم تعجّ بالكراهية والعنف، فالطفل اليهودي في الكيان الصهيوني، يأخذونه منذ الابتدائية حتى الجامعية الى زيارات مستمرة الى مواقع جيش الاحتلال لمقابلة الجنود، وكل طفل عليه أن يفصح عن تمنياته عندما يكبر في كيفية قتل العرب، هل يرغب بالعمل في سلاح الجو أم على الدبابات وقذف الصواريخ لقتل أكبر عدد منا لكي يشعر بالسعادة، وهناك تعاون كبير بين وزارتي التربية والدفاع، أما المناهج فهي تعجّ بتربية الحقد والكراهية تجاه العرب،
فمثلًا في منهج الرياضيات بالمرحلة الابتدائية، على الطفل أن يعطي جوابًا على المسألة التالية: إذا قتلت ثمانية عرب من أصل ٢٠، فكم عربي يتبقى عليك أن تقتله؟
وفي أغلب المواد الدراسية يُغرس في عقل الطفل اليهودي بأن العربي خنزير قذر، وعليك أن تتخلص منه!
لذلك عندما هدم الصهاينة المخيمات الفلسطينية في الضفة، أطلقوا مئات الخنازير على أرضها.
الصهاينة يرون أن العرب الأحياء عبيد خُلقوا من أجل خدمة اليهود شعب الله المختار!
إن مناهجهم، تطفح بالحقد والكراهية لكل العرب، في حين إن بعض الأنظمة العربية، والمطبّعين والمأجورين (العرب) يهللون للكيان الصهيوني، ويطبّلون للتطبيع، وفي نظر الصهاينة هؤلاء المطبّعون خنازير قذرة تستحق القتل، وتستحق بعد أن ينتهي دورها، أن تُشوى لحومها، وتُقدم على موائدهم.
ذات مرة ألتقيت بإمرأة في دولة أوروبية كانت تبيع التمر، ولاحظت أن نوعًا من أنواع التمر الذي تبيعه من فلسطين، وبالتحديد من أريحا واسمه (المجول)، دنوت منها وقلت لها: بكم هذا التمر الفلسطيني؟ رفعت عينيها ورمقتني بنظرة حقد وكراهية لم أرها في عيون أحد من قبل، بصراحة بعد تلك النظرة شعرت أنه من الممكن الآن أن تقتلني، فهربت منها مسرعة مبتعدة، وأنا أكرر: إنه تمر فلسطين.
وذات مرة عندما كنت أدرس في بريطانيا رأيت بأم عيني ما يفعله اللوبي الصهيوني، حيث يكوّن في كل جامعة مجموعات طلابية (عصابات) مهمتها نشر التعاليم الصهيونية والترويج لها بكل الوسائل، وفي إحدى المرات أرادوا عرض فيلماً يمتدح الصهيونية لتزييف الحقائق وإظهار أنهم المظلومون والمغلوب على أمرهم وتصوير قادتهم بالملائكة، فوقف لهم بعض الطلبة العرب بالمرصاد، فما كان منهم إلا إن أقدموا على ضرب الطلبة العرب وتهديدهم بالقتل.
أذكر هاتان الحادثتان، لكي أوضح للقارئ حجم الحقد والكراهية الذي يزرعه الكيان الصهيوني في عقول ونفوس اليهود منذ الصغر تجاه العرب، في جميع الأعمار وفي كل الأماكن، كل عربي هو خنزير بالنسبة لهم.
وفي الأرض المحتلة تتجسّد الكراهية وحبّ القتل وسفك الدم النابع من الكراهية المضاعفة التي يغرسها الكيان في نفوس أفراد جيشه ويدربهم عليها، علمًا بإن كل رجل وامرأة عليهم إجباريا الالتحاق بجيش الاحتلال الصهيوني، ناهيك عن المستوطنين الأكثر تطرفا لالتحاقهم بالمدارس الدينية، لذلك نرى حجم العنف والشراسة تجاه الشباب الفلسطيني المقاوم، فكل فلسطيني فريسة، وكلما عذّب الجنود والمستوطنون الشعب الفلسطيني أكثر، حصلوا على التشجيع من قادتهم، وكلما أحرقوا المزارع واقتلعوا الأشجار، حصلوا على المزيد من الأراضي والبيوت المسروقة من أهلها، وكلما قتلوا عدداً أكبر من الأطفال العرب الفلسطينين، حصلوا على الأوسمة والنياشين، ولا فرق لديهم بين الفلسطيني والعربي المسيحي أو المسلم في القتل والتعذيب، بل يُستهدف المسيحي العربي قبل المسلم، والقوانين في المحاكم تسري وتُطبق فقط على اليهود الآخرين، أما العرب فلا عدل ولا عدالة، ولا يُنظر إلينا جميعًا إلا كما العبيد.
أما بالنسبة إلى مناهجنا في مختلف الأقطار العربية، فإنه يصدر أمراً بمراجعتها وتنقيحها، لكن مم؟ من الحضّ على كراهية اليهود! وكيف؟ بحذف الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، التي يتم فيها وصف اليهود وسلوكهم على حقيقته بموضوعية وبلا كراهية! القرآن الكريم هو عدو الصهاينة اللدود الذي يحاربونه سرّا وعلناً.
إن ديننا ومناهجنا لا تحضّ على قتل اليهود ولا تشبههم بالخنازير كما هم يفعلون، هم يربّون كل الأجيال، الشيوخ والأطفال والشباب، على كراهية العرب كلهم وليس الفلسطينين وحدهم، فالعار موسوم بالعرب كلهم، وكلنا نستحق الموت في نظرهم، فحتى لو ابتسم الصهيوني في وجهك، فهو يضمر في قلبه الحقد والكراهية لكل عربي، لأنه تم تغذية عقله وقلبه وروحه منذ الصغر على كره العرب وحب إراقة الدم العربي.
لماذا لا نشترط عليهم تنقيح مناهجهم من الحقد والكراهية كما يشترطون؟
ونعم علينا أن ننقّح مناهجنا من التطرف بكل أشكاله، لكن علينا أن نعزز دومًا فيها حق الشعب الفلسطيني والسوري وكل عربي في أرضه، ونكشف الأساليب الصهيونية القذرة في تحريف الدين وتزييف التاريخ والجغرافيا..ولكن سيبقى المسلمون والعرب يمدون يديهم للسلام والعيش بأمان والبعد عن الطائفية والتطرف وإظهار الحق كما هو ومعالجته .. لنسير بأجيالنا نحو فهم الواقع الصهيوني وكيف نعالجه بحكمة وسلام
عدد المشاهدات: 3